بسم الله الرحمن الرحيم
.....على فرض صحة هذا الشعار فان السؤال المطروح عليكم اليوم هو : هل عندكم القدرة فعلا على اسقاط النظام وماهي ملامح هذه القدرة وحقيقتها ؟
نحن نعلم انه ليس امامكم لتحقيق هذا الشعار الا احدى ثلاثة طرق : ــ
اولا: ان يمتلك الحراك الجماهيري الاغلبية العظمى... لاسقاط النظام عن طريق البرلمان .
ثانيا: او يلجا الى العصيان المدني و الاضراب العام وتعطيل شؤون الحياة والناس في كافة انحاء العراق وهذا ضرب من المستحيل لما ذكرنا من طبيعة المجتمع العراقي ومكوناته واختلاف المصالح .
ثالثا: ان يمتلك القوة الواضحة للدخول مع النظام في معركة سريعة تزيح النظام بسرعة اما عن طريق الانقلاب العسكري وهذا غير واقعي او عن طريق الحرب الشعبية وهذا مدمر للبلد وللشعب واي معركة تطول بين النظام والشعب فان الدمار سيلحق بالعراق جميعا والمثال السوري مازال واضحا امامنا.
وعند التامل والتفكير الهادئ و للاجابة على مامضى نقول الاتي : ــ
اولا:ان اهل السنة وان كانوا هم الاغلبية في جميع محافظات العراق وهذا لايجادل فيه الا مكابر. الا انهم وفق المعطيات الحالية لايستطيعون تغيير المعادلة بتغيير الدستور والنظام .
ثانيا :ان العصيان المدني سوف لايضر الا بهم لانهم بعيدون عن العاصمة والحكومة ستقول ليضربوا وليعصوا فلا يضروا الاانفسهم وسيهيج عليهم الناس وتنتهي التظاهرات وهذا هو المطلوب .
ثالثا: واما القوة فان اهل السنة يمتلكون الشجاعة والشباب الكافي ولكنهم لايمتلكون السلاح ولا يمتلكون التاييد الدولي وهم في واقع الحال سيواجهون ايران بما تمتلك من قوة لايستهان بها والميليشيات العراقية التي تسمى الجيش العراقي ، واما السنة فلا مزايدة على شجاعتهم كما قلت من قبل ولكن اين قوتهم وقد خذلهم العرب الاقرباء طيلة السنين الماضية وسيخذلونهم في اي معركة كما خذلوهم من قبل وكما خذلوا اخوانهم في سوريا.
ويجب ان اسجل على مسالة القتال واستعمال القوة الامور التالية :ــ
1-ان خيار القوة لايعني مقاتلة الحكومة فحسب بل يعني الذهاب الى حرب شيعية وقبلية مساندة للحكومة ايضا فان شيعة الجنوب لن يتركوا المالكي يقاتل وحده وقد لقبوه بمختار العصر والمرجعية الدينية على استعداد لتوجيه الشيعة للقتال للحفاظ على مكتسبات المذهب والميليشيات مستعدة كذلك .
2- ان تعويل الوطنيين والعلمانيين على عرب الشيعة في اسقاط المالكي هو تعويل على الوهم والاغرب منه التعويل على مقاتلتهم لايران لتحرير العراق من نفوذ الفرس كما يامل بعض المخدوعين وكنا من قبل دعوناهم لقتال الاحتلال الامريكي و هو اوضح عداوة في العقل العربي فتركونا يتفرجون علينا بل اتهمونا اخيرا اننا صداميون وبعثيون وارهابيون وزجوا بالتعاون مع الامريكان بابنائنا ونسائنا في السجون ومارسوا ابشع عمليات التعذيب والقتل والاعدامات وفق محاكمات ظالمة وطائفية .
3-بالنسبة لايران سترى في القتال الداخلي للعراق الفرصة الذهبية للتدخل العلني لاسناد الحكومة الطائفية ولتكون على مقربة من الحدود السورية لمساندة بشار الاسد .
4-بالنسبة لبشار الاسد سيجد الفرج الاكبرله بدخول ايران فعلا في الاراضي العراقية ومحاصرة الثوار والجيش الحر وسيكون قتال الجيش الحر ومحاصرته عراقيا وايرانيا معلنا وعلى المكشوف .
5-اننا باختيارنا للحرب سنساهم في تدمير (مدننا ومحافظاتنا السنية فقط )وفق النموذج السوري اذ ان الحكومة تملك المدافع والطائرات الايرانية وربما السورية ونحن لانمتلك شيئا ..
6-يضاف الى تدمير المدن والمحافظات السنية ستنفد ذخيرة المقاتلين في ايام معدودة .
7- هناك من يرى ان الحل هو ان ينشق جزء لاباس به من الجيش بكامل عدته وينحاز الى الجماهير لحمايتهم وهو احتمال ضعيف ومع ذلك فان هذا الحل غير موثوق به لاحتمال تدخل ايران وروسيا على الخط وتجربة الجيش الحر في سوريا شاهدة على ذلك .
فان روسيا ستجد الفرصة الذهبية لاسترجاع نفوذها في العراق وسوريا ومازيارة المالكي في حقيقتها الانوع من الرشوة للروس لشراء ذممهم بصفقة فاسدة تحسبا لقادم الايام ان يحصل في العراق ماحصل في سوريا .
واقول : بناء على مامضى فلم يبق امام اهل السنة الا الاتي: ـ
الاول: هو ان يديموا زخم الانتفاظة وبصفتها السلمية ويوسعوها وينظموها حتى تصل الى قلب بغداد فتكون قريبة من الاذان الصماء التي تريدهم ان يبقوا في الصحراء .فانهم اذا تمسكوا بهذا الحراك السلمي سيكسبون في كل يوم مكسبا جديدا وهو مالايكسبونه في الحرب، وهذا هو اشد على المالكي وانكى من المواجهة المسلحة التي لايعلم فيها من الخاسر ومن الرابح وتخضع لموازنات وحسابات غير متوقعة ولا يستطيع احد التكهن بها وبنتائجها .
الثاني: ان يضيفوا الى مطالبهم السابقة دون التنازل عنها مطلب( الاقليم السني ) (وهو محل التكليف الشرعي بحسب الاستطاعة التي ذكرناها في الجزء الاول ) وهو حقهم في اقامة الاقليم المكفول دستوريا فيبنوا نموذجهم الحضاري كما فعل اخوانهم الكرد وهم يمتلكون من الكفاات العلمية والفكرية والفنية مايستطيعون بها اقامة اعظم دولة في المنطقة .
الثالث: السعي لاقامة شراكة استراتيجية مع الاقليم الكردي لتوحيد سنة العراق باتجاه اقامة النموذج العراقي المتحضر . فاذا راى مواطنوهم الاخرون الاقتداء بهم والتسالم معهم فهو ذاك والا فلهم اقليمهم ولنا اقليمنا وكفى الله المؤمنين القتال .
الرابع: تطوير علاقتهم بالخارج وتنظيمها عربيا ودوليا لتطويق الحكومة الطائفية الفاسدة وحصرها وتعريتها على جميع الاصعدة .
ونحن نقول مع كل هذا ان الميسور لا يسقط بالمعسور فاذا تعسر اليوم علينا تحريرالعراق لضعف الامكانيات ولخذلان الامة لنا فلااقل من ان نحرر جزءا منه يكون انطلاقة لبقية الأجزاء .
ان المقدور عليه اليوم والميسور هو ان نطالب بالاقليم كاستحقاق دستوري ضمن العراق الواحد فالاقليم اليوم هو الملجا الامن الذي نحافظ به على ديننا و دمائنا واعراضنا واولادنا واموالنا وعقولنا .كما انه الضمانة الوحيد لاحلال السلم والتعايش السلمي بين العراقيين وان اي فتوى تمنع من المطالبة بالاقليم لهي تصب في صالح تاجيج الحرب والمواجهة والاقتتال الطائفي لانها ستؤدي الى حالة من الانسداد السياسي الذي يؤدي الى الانفجار في نهاية المطاف .و سوف تدخل البلاد في دماء ودمار دونه مايحصل في سوريا اليوم .
وعلى العقلاء ان يوازنوا في هذه المرحلة بين الواقعي وغير الواقعي والمقدور عليه وغير المقدور عليه من المطالب و ان يلجموا كل من يريد المزايدة فيورط اهل السنة في معركة غير متكافئة ومن ذلك الدعوة الى اسقاط النظام والدستور الذي لايتحقق الا بالاقتتال والحرب التي يمكن ان تاتي على الاخضر واليابس كما هو الحال في سوريا مع انهم الاغلبية العظمى هناك 90 بالمائة من الشعب السوري ولسنا كذلك
وسوف تستباح المدن وتقع مجزرة رهيبة يذهب ضحيتها مابقي من شبابنا وسترمل النساء وتيتم الاطفال وسوف نصرخ باعلى اصواتنا اين انتم ياعرب يامسلمون يامجلس الامن وسوف لن يسمعنا احد من هؤلاء الانذال لانهم مازالوا يستمتعون بمشاهدة المسلسل الدموي السوري والى حين تنتهي دماء اهل السنة في سوريا ويتبادلون التعازي او التهاني سيؤجلون مشاهدة الفلم العراقي الدموي الى سنة اخرى او سنتين فهؤلاء الخونة وكما عهدناهم ليسوا في عجلة من امرهم للتدخل في وقف النزيف السني في العراق.
وسيكون اهل السنة في العراق عبارة عن اوراق من التاريخ ترويها الاجيال المقبلة كما حصل للسنة من الشافعية والحنفية على يد اسماعيل الصفوي في بلاد فارس بل كما حصل لجنوب العراق الذي كان كله سنيا الامدن صغيرة الى ماقبل 200 سنة لاغير فغيره الفرس بمكر الليل والنهار فامسى شيعيا وهو مايفسر انقسام القبائل العربية الى قسمين في الغرب والشمال سنة وفي الجنوب شيعة والله المستعان ولاحول ولاقوة الا به .
والله المستعان لارب سواه ولااله غيره .
د. سامي الجنابي
18.02.2013
0 التعليقات: