محاولات سياسية لتطويق الحراك الشعبي في المحافظات السنية وإنقاذ حكومة المالكي من الانهيار
محاولات سياسية لتطويق الحراك الشعبي في المحافظات السنية وإنقاذ حكومة المالكي من الانهيار
بارزاني يدعو الى اجتماع سياسي ثلاثي في اربيل بمشاركة الأكراد والتحالف الشيعي وبعض إطراف القائمة العراقية
اربيل بغداد - '
عراق العروبة
': ذكرت مصادر كردية مقربة من الحزب الديمقراطي برئاسة
مسعود بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني، ان قيادتي الحزبين اتفقتا على
طرح مبادرة سياسية جديدة تتضمن تنظيم اجتماع في اربيل نهاية الشهر الحالي يشارك فيه
التحالف الكردستاني والتحالف الوطني والقائمة العراقية وعقد اتفاقية جديدة بين
الأطراف الثلاثة بدلاً من اتفاقية اربيل السابقة التي وقع عليها مسعود بارزاني
واياد علاوي ونوري المالكي وتلكأ الأخير في تنفيذ بنودها بعد تسلمه رئاسة الحكومة
الحالية.واعترفت تلك المصادر بوجود ضغوط أمريكية مورست على رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لتهدئة أزمة الإقليم مع حكومة المركز برئاسة نوري المالكي، بعد ان تعهد السفير الأمريكي في العراق روبرت بيكروفت بحل جميع المشاكل العالقة بين حكومتي الإقليم وبغداد، بخصوص السماح للإقليم باستخراج النفط وتصديره وقيام حكومة المالكي بدفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة فيه، وسحب قطعات وعمليات دجلة من كركوك وطوز خورماتو وداقوق وإعادة الأوضاع في هذه المناطق المتنازع عليها الى سابق عهدها. وكان السفير بيكروفت قد عقد اجتماعاً مع بارزاني في الأسبوع الماضي، أعقبه اجتماع آخر بين رئيس الإقليم الكردي ووفد من التحالف الوطني ضم المستشار السياسي لرئيس الحكومة ومدير مكتبه السابق طارق نجم وجمال جعفر الملقب بـ(أبي مهدي المهندس) الذي يتولى حالياً مهمة التنسيق السياسي بين السلطات الإيرانية والأحزاب والكتل الشيعية.
ولوحظ ان إدارة اقليم كردستان قد تكتمت على إنباء اجتماعات الوفد الشيعي مع القيادات الكردية ولم تكشف عما دار فيها من قضايا ومناقشات، الأمر الذي فسره مراقبون سياسيون بان ثمة موضوعات حساسة قد بحثت فيها لايريد الطرفان الإفصاح عنها في هذا الوقت قد تتضمن صفقة سياسية بين رئيسي حكومتي المركز نوري المالكي والإقليم مسعود بارزاني، قرر الأخير على ضوئها الدعوة الى اجتماع اربيل الجديد.
وابدي نواب في القائمة العراقية تخوفهم من ملامح الصفقة الجديدة بين المالكي وبارزاني التي ستكون حتماً على حساب قيادات في القائمة أبرزها رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ووزير المالية رافع العيساوي، وهما يتعرضان منذ شهرين الى هجمة شرسة من رئيس الحكومة وقيادي ونواب ائتلاف دولة القانون، تتهمهما بتحريض المتظاهرين والمعتصمين في المحافظات السنية العربية وتقديم الدعم لهم.
'وربط المراقبون السياسيون بين زيارة النجيفي الى قطر، والحملة الصحفية التي قادها صاحب صحيفة (المدى) فخري كريم زنكنة المقرب جداً من بارزاني ضد الدولة الخليجية في مقالين متتابعين غير مسبوقين في التشهير بالقيادة القطرية وما اسماه بتدخلاتها في الشؤون الداخلية العراقية، وهو ما عكس تطابقاً في الموقف ضد قطر بين ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردي.
ولاحظ المراقبون بهذا الصدد، ان صحيفة (المدى) التي دأبت على انتقاد المالكي وحكومته وائتلافه النيابي خلال الشهرين الماضيين، قد توقفت عن هجومها على رئيس الحكومة وبدأت تروج لمبادرة بارزاني الأخيرة في عقد اجتماع سياسي جديد في اربيل .
'ويعتقد مراقبون سياسيون يتابعون تطورات المشهد السياسي في العراق، ان ثمة مشتركات جديدة جمعت بين التحالف الكردستاني وائتلاف دولة القانون، دفعت بالطرفين الى طي صفحة الخلافات الثنائية والبدء بالتنسيق والاتفاق بينهما لمواجهة تحديات الحراك الشعبي الذي يقوده السنة العرب في مناطقهم ومحافظاتهم وخصوصاً تلك المجاورة لأراضي الإقليم في محافظات 'الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى، حيث فؤجئ الأكراد بحجم الزخم والمشاركة الحاشدة في التظاهرات والاعتصامات التي شهدتها المحافظات الأربع التي يطالب التحالف الكردي بضم مناطق فيها الى إقليم كردستان.
ولا يستبعد ان يكون الوفد الشيعي الذي زار اربيل واجتمع مع المسؤولين الأكراد قد حذر القيادات الكردية من مستقبل الحراك الشعبي واتساعه في محافظات الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى على تنفيذ المادة (140) من الدستور، وهي المادة التي يتمسك التحالف الكردي بها ويطالب بتنفيذ بنودها في المناطق المتنازع عليها، بينما يرفض السنة العرب في المحافظات الأربع تطبيقها ويطالبون بإرجاء النظر فيها الى فترة يسودها الهدوء والاستقرار بعيداً عن الهيمنة الأحادية.
ويرى الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين في العراق، ان التجارب السياسية السابقة أثبتت ان رئيس الحكومة نوري المالكي لديه استعداد للتنازل للأكراد وسبق له ان قدم تسهيلات وامتيازات كثيرة لإقليم كردستان، في حين انه كما معروف عنه يقف موقفاً متشدداً ضد السنة العرب ويرفض التعاطي ايجابياً مع حقوقهم ومطاليبهم التي اقر الجميع بمشروعيتها وسهولة تنفيذها، وهو ما دعا
ائتلاف دولة القانون الى الإعلان في نهاية الأسبوع الماضي، بان الاتصال لم ينقطع في يوم من الأيام بين إقليم كردستان وحكومة المالكي في بغداد، في إشارة واضحة الى استمرار ما يسمى بـ( التحالف الشيعي الكردي).
ومما قرب المسافة بين التحالفين (الوطني والكردستاني) تلك الإشارات التي صدرت في اربيل خلال الأسبوع الماضي وتتعلق بتنازل التحالف الكردي عن موقع رئاسة الجمهورية الذي يشغله حالياً جلال طالباني المريض الذي يعتقد بانه لم يعد قادراً على أداء مهامه السياسية والرئاسية، مقابل الحصول على رئاسة البرلمان، خصوصاً وان تلك الشارات قد حددت اسم زعيم القائمة العراقية اياد علاوي كمرشح بديل لطالباني، وقد قوبلت هذه الإشارات التي لم تنفها المصادر الكردية الرسمية بشكل قاطع، بقبول في الأوساط الشيعية التي ترى في استبعاد او تنحية رئيس البرلمان الحالي اسامة النجيفي مكسباً سياسياً لها، بعد تصاعد الخلافات بينه وبين رئيس الحكومة نوري المالكي وصلت حدتها الى الهجوم الشخصي عليه، واتهامه بالتآمر على الحكومة الحالية بالتعاون مع قطر التي زارها مؤخراً، كما صرح بذلك نائبان مقربان من المالكي وهما مجيد ياسين وعلي الشلاه.
وسواء صحت تلك الإشارات الكردية في تسمية علاوي رئيساً للجمهورية خلال الفترة المتبقية من ولاية طالباني وأمدها عام واحد، او انها مجرد تلويح سياسي متفق عليه بين التحالف الكردي وائتلاف دولة القانون لممارسة ضغوط على القيادات السنية العربية في القائمة العراقية، وخصوصاً محور (النجيفي رافع العيساوي) إلا إن نتائج هذا التلويح بدأت تظهر سلبياً على تماسك القائمة وتضامن نوابها الثمانيين بعد انسحاب وانشقاق عدد منهم وتشكيلهم كتلتي (البيضاء والحرة) المؤيدين للمالكي، فثمة معلومات من داخل القائمة تشير الى ان نواب علاوي وصالح المطلك وجمال كربولي وعددهم يفوق الثلاثيين نائباً يؤيدون تولي علاوي رئاسة الجمهورية ويتمنون استقالة او إقالة النجيفي من موقعه كرئيس لمجلس النواب وتسليمه الى الشخصية كردية يعتقد انها فؤاد معصوم رئيس الكتلة في البرلمان والقيادي البارز في حزب الاتحاد الوطني، وقد ظهرت بوادر انشقاق القياديين الثلاثة عن القائمة العراقية واضحة في المواقف من قضية انسحاب 'وزراء القائمة من حكومة المالكي الحالية ومقاطعة نوابها لجلسات مجلس النواب، حيث رفض الثلاثة الالتزام بالقوانين في حين يصر النجيفي والعيساوي على تنفيذهما.
وواضح تماماً، ان هناك صفقات واتفاقات سياسية يجري طبخها فوق نار هادئة وفي الدهاليز السرية لتطويق الحراك الشعبي الذي يقوده السنة العرب في مناطقهم ومحافظاتهم وإفراغه من مضامينه الوطنية والقومية ومطاليبه السياسية والإنسانية، يشترك فيها ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردي وبعض اطراف القائمة العراقية بدعم أمريكي وإيراني غير خافيين،والغرض المشترك لجميع هذه الإطراف والجهات هو استمرار تهميش السنة العرب في العراق ومواصلة التضييق عليهم وإجبارهم 'على التخلي عن حراكهم الشعبي والتوقف عن المطالبة بحقوقهم العادلة .
0 التعليقات: