أخر الأخبار

.

قطعان مسلحة أم قطعات مسلحة ؟


قطعان مسلحة أم قطعات مسلحة ؟




عراق العروبة

*علي الكاش






( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)

لقد طرحت على طاولة التظاهرات الجماهيرية عددا من البدائل التي سيتم إستخدامها في المرحلة الثانية من مسيرة الإنتفاضة الشعبية المباركة، كنتيجة حتمية لعزوف الحكومة الطائفية عن تحقيق المطالب المشروعة لمواطنيها. حيث تبين لرجال الأنتفاضة الأبطال بأن الحكومة الصفوية تراهن على عامل الزمن لإجهاض إنتفاضتهم، وتفريغها من مضامينها الإنسانية العادلة، ووصمها بصفات لا تمت لها بأية صلة، لا عن قرب ولا عن بعد.


كما إنه ليس من المنطق أن تستمر الإنتفاضة على نفس الرتابة! لأن الثبات على نفس المنوال يولد حالة من الجمود، والجمود صفة مرادفة للشلل، وهو كفيل بتهبيط العزائم وإضعاف الإرادة الشعبية وهذا ما تهدف اليه حكومة حزب الدعوة العميل وتعمل لتحقيقه. لذا لا بد من شحن الإنتفاضة يوميا بقوة شعبية عالية كي تستمر في قوتها وحيوتها وعطائها من خلال الوجود المستمر لرجال الدين الأفاضل، والصقور من شيوخ العشائر، والنشاط الفاعل والمتنوع في ساحات الإعتصام، إضافة إلى التحرك المكثف على القوى الوطنية المؤثرة.


لابد من التقدم خطوة للأمام طالما ان الحكومة لم تتراجع خطوة إلى الوراء، لتصحيح عوجها المستديم وإصلاح ذات البين. لذا من جملة الخطوات المقترحة لتصعيد الإنتفاضة هو إعلان الإضراب العام والعصيان المدني في المحافظات الثائرة. والعصيان المدني على الصعيد الداخلي يشُل الحياة اليومية والرسمية، ويحصر الحكومة في عنق الزجاجة، مسببا لها خسائر مادية ومعنوية. وعلى الصعيد العالمي يلفت انظار المجتمع الدولي الى مطالب المتظاهرين المشروعة، كاشفا عورة ديمقراطية الحكومة وهمجيتها اتجاه المتظاهرين ومطالبهم.


من البدائل أيضا وضع مهلة حاسمة ونهائية لإنسحاب القطعان المسلحة من داخل المحافظات الى خارجها، طالما إن هذه الدواب لا تعمل وفق مصلحة الوطن وإنما لمصلحة المالكي وحزبه العميل فقط. وهي لا تتورع عن ارتكاب المجاز بحق المتظاهرين العزل بحجج سخيفة وواهية، كما إنها لا تكف عن التحرش بهم وإستفزازهم يوميا لغرض مواجهتهم بالرصاص الحي.


إن مهة الجيوش في كل العالم هي حماية الحدود وسيادة البلد وصيانة إستقلاله السياسي والإقتصادي وصد الإعتداءات الخارجية، وسلامة الأمن الخارجي، وليس قمع المواطنين الأبرياء او ملاحقة وزير سابق(رافع العيساوي) بالطائرات السمتية لأنه إستقال من الحكومة بسبب طيشها ونزقها. الأولى بقطيع المالكي توفير الحماية لحدود البلد التي أمست كبيوت الدعارة يدخل ويخرج منها الغير كيفما ومتى ما شاءوا.


لقد أصبح جيش حزب الدعوة العميل كيانا ارهابيا غير مرغوب في المحافظات السنية بسبب طائفيته المقززة وسلوكه الأرعن واعتداءاته المتكررة على المتظاهرين. وعندما يكون الجيش عدوا للشعب، ومنفذا لأجندة دولة أجنبية ذات اطماع معلنة في العراق والمنطقة، ويُغلب العامل الطائفي على العامل الوطني. 

عندئذ لا يجوز ان يُلام أي طرف من أطراف المقاومة الوطنية بسبب إستهدافه لقطعان المالكي. من لا يرحم الشعب لا يستحق الرحمة. ومن يعتدي على الشعب وينتهك حقوقه يستحق الحساب وليس الثواب.


من جهة ثانية، لم نشهد للقطعان المسلحة أية صولات خلال الإعتداءات الخارجية السافرة على البلد من دول الجوار سواء تركيا وإيران! وآخرها في مدينة أم قصر الحدودية، عندما تجرأت وحدات من الجيش الكويتي بإطلاق رصاص على أهالي أم قصر" والله زمن يا بلادي"!


لكننا والحق يقال شهدنا للجيش صولات من اللطم على الصدور والنحيب في مراسم عاشوراء. وشهدنا له أيضا جولات من الردح والرقص في الشوارع! فبتنا على يقين من جاهزيته العاشورية والفنية! كما بشرنا الأمريكان والقائد العام للقطعان المسلحة.


نود بهذا الصدد أن نلفت الإنتباه إلى ضرورة مطالبة شيوخ العشائر بإجراء محاكمة علنية في محاكم الانبار والموصل حصريا(مواقع الحدث) للمجرمين الذين اطلقوا النار على المتظاهرين العزل في الانبار والموصل.

 وكذلك مطالبة عشائرهم بأن يعلنوا برائتهم من القادة والضباط وبقية منتسبي الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الذين اعتدوا على المتظاهرين وكذلك المسؤولين عن التعذيب والقمع والإغتصاب في داخل السجون، وإلا فإن عشائرهم تتحمل المسؤولية أيضا عما ارتكبه هؤلاء المجرمون الرسميون.

 سيما بعد أن تسربت وثائق من مكتب المالكي موجه لصعاليك القضاء بإعفاء الضباط والجنود المسؤولين عن قتل وتعذيب المعتقلين من الملاحقة القانونية تحت مسمى الواجب الرسمي(كتاب القائد العام للقوات المسلحة العدد2/18/210 في 8/2/2012). وكتاب (مجلس القضاء الأعلى/ الإدعاء العام/1074 بتأريخ 17//2012)! ومع هذا يدعون بكل وقاحة إستقلالية القضاء!


عندما تنام السلطة القضائية تصحو السلطة العشائرية. وعندما يعتل القضاء الرسمي تتعافى الأعراف العشائرية لتحل محله وتمارس دورها كبديل! ولسنا من دعاة العشائرية مطلقا! لكن للضرورة أحكامها. كما إن الظروف سيدة الأحكام. ولا يجوز مطلقا ترك المجرمين إحرارا ينعمون في ظل حكومة مستبدة وقانون كسيح، ويتمادون في جرائمهم وطيشهم ونزقهم.


لا بد أن يكون لكل حادث حديث ويليه تأفأف وزفرة وأنين، ولو بعد حين! إن ضحايا الحكومة من شهداء ومعذبين ومظلومين لهم حقوق على عشائرهم، ولا يجوز إبتلاعها. ولا يضيع حق ورائه مطالب. إن عملية الثأر لهم يمكن تجميدها حاليا بحكم الظروف القاسية، ولكن مهما طالت فترة التجميد فإنها لا تفقد الثأر صلاحيته! حيث يمكن تسخينه مرة أخرى وبسرعة، ولات ساعة ندم.


كذلك رفع سقف المطالب الجماهيرية بإسقاط العملية السياسية بمجملها، وليس حكومة المالكي فحسب، فالأسماء البديلة المطروحة على المشهد السياسي كبدلاء عن حفيد كسرى، هم من نفس قوارض الولي الفقيه ولا يقلون عنه إجراما وطائفية ونذالة، كحسين الشهرستاني(فارسي) وباقري صولاغي(تبعية فارسية) وابراهيم الأشيقر(باكستاني الأصل وايراني الجنسية) واحمد الجلبي( لص دولي وجاسوس مزدوج) وهلم جرا. إن هذه الوجوه الكريهة ستبقى ماثلة أمامنا تعكر علينا صفو الحياة وتطفأ جذوة الأمل بالتغييروالتحسن، لذا لا منأى عن اجتثاثها من جذورها الممتدة إلى الجارة اللدودة.


من ثم مطالبة الوزراء وأعضاء البرلمان من أهل السنة بالتنحي عن مناصهم، إن كانوا فعلا يمثلون أهل السنة كما يزعموا. لإن انسحابهم من العملية السياسية سيجبر الإدارة الامريكية على التدخل وليس التفرج على الأوضاع البائسة، وبالتالي ستشٌد إذن المالكي بقوة كي يعيد النظر في حساباته الطائفية الخاطئة. علاوة على لفت إنتباه الرأي العام العربي والدولي لمظلومية أهل السنة في العراق الصفوي. وأي شخص من النواب والوزراء السنة يرفض الإنسحاب من العملية السياسية، فإنه يعتبر شريكا للمالكي ومنفذا لسياسته الطائفية والقمعية في استهداف أهل السنة.


كفى لعبا على الحبال! أما مع الإنتفاضة أو مع حكومة المالكي. الحق كالسيف له حدين فقط .


آخر المطاف ما يسمى بإعلان الإقليم كما نوه بعض رجال الدين ممن لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. نحن باديء ذي بدء ضد تفكيك البلد وتقسيمه الى كانتونات هشة. ونتفق كليا مع وحدته وتلاحم وتكاتف شعبه الواحد، وهو ما عبر عنه الأب الروحي للإنتفاضة سماحة الشيخ أ. د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي أدام الله ظله الوافر، وصوت ضمير الإنتفاضة مفتي العراق الأوحد سماحة الشيخ رافع الرافعي حفظه الله.


بل إن بيان المؤتمر العام للجان الشعبية لساحة العزة والكرامة في الرمادي الذي عقد في آذار الجاري تضمنت الفقرة الثالثة منه النص التالي" وحدة العراق فوق الميول والإتجاهات". كما جاء في تصريح للسيد(الشيخ حميد الشوكا) رئيس مجلس شيوخ عشائر الأنبار بأن عشائر الأنبار تحرص على وحدة العراق وتنبذ التقسيم والتفرقة" نحن مع وحدة العراق، ونرفض فكرة تحويل محافظة الأنبار إلى إقليم رفضا قاطعا". إذن يستشف من التصريحات الأساسية أغلاق الباب بوجه المتقولين والمتصيدين في المياه العكره.


نحن ندرك جيدا خطورة خطة بايدن لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات(كردية وشيعية وسنية) تحت سيطرة ونفوذ دول الجوار، ونعلم علم اليقين إن الفدرالية بمفهومها الحالي وتطبيقها في العراق تخدم الأجندة الصهيونية- الفارسية. لأنها تهدف الى إضعاف العراق وإعطاء فرصة ثمينة لنظام الملالي لإستيطان الجنوب العراقي فعليا، بعد ان استوطنت عقول شيعته فكريا.


سنناقش الموضوع من زواياه الرئيسة كمناقشة عامة وليس كمطلب أو كهدف للثور كما أوضحنا.


عندما يطالب رجال الإنتفاضة بإلغاء قانون المخبر السري سيء الصيت، والفقرة/ 4(ارهاب/ أهل السنة)، وقانون المساءلة والعدالة، يعلق المالكي ورهطه إن هذه المطالب تتعارض مع الدستور! رغم ان المالكي قد انتعل الدستور مرارا وتكرارا بعد ان وضع قره قوش العراق مدحت المحمود في جيبه الخلفي. كما ان قطعانه المسلحة تنتهك الدستور يوميا. وعندما يطالب البعض بإنشاء الإقليم الغربي وهو بالطبع حق ورد في نص دستوري واضح، فإنه يتهم أهل الأنبار بأنهم يهدفون إلى تفكيك العراق وتقسيمه. يعني في الحالتين سواء ضمن الدستور أو خارجه فإن المطالب الشرعية مرفوضة والتي "هي حقوق وليس طلبات"، كما نوه بعض القراء الأفاضل.

وهنا نتساءل.


أولا:- من صاحب فكرة الاقاليم؟ ومن الذي أسس لها صيغة دستورية؟

من المعلوم انه بعد الغزو الامريكي الغاشم للعراق طرح عبد العزيز الحكيم رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلاية فكرة تأسيس اقليم الجنوب بحجة إن ليس من المعقول ان يكون الجنوب هو الأفقر، في حين إنه الأغنى! حيث أن معظم الإنتاج النفطي يستخرج من البصرة! فأهل الجنوب أولى من بقية العراقيين بثروتهم! بالطبع كانت نظرة اقليمية ضيقة، لكن أهل الجنوب إنخدعوا بها وأيدوها وروجوا لها بقوة. ربما بحسن نية .. الله أعلم!


ثانيا:-ان اليهودي نوح فيلدمان هو الذي صاغ الدستور العراقي(وكذلك الدستورين الافغاني والمصري في عهد الإخوان المسلمين الحالي). وصادقت عليه لجنة برلمانية تألفت من نواب شيعة وأكراد. وأيدته مرجعية النجف، ولم تعترض على أي نص وارد أو طالبت بتعديله. كما إنها دعت الناس إلى التصويت عليه بقوة وكثافة بتوصية من الميت الحي(السيستاني). وكان أهل السنة آنذاك قد قاطعوا العملية السياسية ورفضوا التصويت عليه. إذن موضوع الأقاليم وتضمينها كنص دستوري، هو من بنات أفكار النواب الشيعة. وصادقت عليه لجنة شيعية- كردية. وأيدته مرجعية شيعية، وصوت عليه جمهور الشيعة.


حسنا! لماذا أصبح هذا النص الدستوري يهدد الآن وحدة العراق؟ هل هي صحوة ضمير من زعماء الشيعة؟ الوقائع تؤكد بأن الضمير مازال غافيا ولم يستفق بعد! وإذا كانت فكرة الأقاليم تهدد وحدة العراق وسيادته- هذه حقيقة غير قابلة للجدال- فلماذا لا يُلغى أو يُعدل الدستور؟ اليس الغاء الدستور او تعديله هو واحد من ضمن مطالب رجال الإنتفاضة؟ اليس الشعب هو مصدر السلطات، كما يشير الدستور، إذن لماذا ينتعل السياسيون إرادة الشعب؟ ولماذا يصر الشيعة في الثبات على الدستور؟

ثالثا:- من الذي يدفع بعض من أهل الانبار الى فكرة تشكيل الأقليم؟ اليس الحكومة الشيعية نفسها؟ من خلال تهميشهم واقصائهم وظلمهم وزج الآلاف منهم بالمعتقلات، وإغتصاب نسائهم في السجون ووصمهم بالإرهاب؟

إذن لماذا ترفضونهم من جهة، وتتمسكون بهم من جهة أخرى؟ اليست هذه ازدواجية في المواقف؟ والإنفصام كما هو معروف مرض نفسي يعني، عدم توفر الإستقامة والنزاهة والعدالة على مستوى الحكومة.

لنا وقفة أخرى بعون الله.

* كاتب ومفكر عراقي

0 التعليقات: