القاعدة وداعش والصحوات أدوات لتحقيق الشرق الأوسط الجديد والعراق قيد التقسيم
القاعدة وداعش والصحوات أدوات لتحقيق الشرق الأوسط الجديد والعراق قيد التقسيم
عراق العروبة
الراية القطرية
أكّد الفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الحرس الجمهوري الثاني في العراق أنّ العراق قيد التقسيم وأنّ أحداث غرب العراق الدامية جاءت ضمن انتقال الإقليم برمّته إلى مرحلة الشرق الأوسط الجديد، وتابع المسؤول العراقي العسكري السابق أنّ أنابيب النفط والغاز هي التي سترسم الحدود السياسيّة بين الدول التي سيُفرزها مشروع الشرق الأوسط الجديد مستقبلاً.
وبسؤاله عن أسباب قيام الحاكم المدني الأمريكي للعراق بعد الاحتلال بول بريمر بحلّ الجيش العراقي أجاب الفريق الحمداني أنّ ذلك جاء بسبب قرار للقيادة السياسيّة العراقيّة في 18-12 -1988 بإعداد الجيش العراقي ضمن فترة لا تتجاوز 8 أشهر لتحرير فلسطين.
وادناه نصّ الحوار، مع صحيفة الراية القطرية :
ونحن على أعتاب الذكرى الحادية عشرة لإحتلال العراق، لماذا قام بريمر بحل الجيش العراقي؟
- الجواب عن هذا السؤال يبدأ من حرب عام عام 1991 وسببها قرار الرئيس الراحل صدام حسين في 18 -12-1988 بتهيئة قوات الحرس الجمهوري "قوات النخبة" بالتهيّؤ لتحرير الهدف القومي الكبير وهو القدس، وفق مدّة من 6-8 أشهر، وكانت هناك إجراءات ميدانيّة قد عكست هذه النيّة"توجيه سياسي"، لقوات الحرس الجمهوري من أجل خوض حرب قوميّة.
وبالتأكيد فإنّ للقوى المعادية الكثير من وسائل الاستشعار والكشف عن نوايا هذا المشروع الخطير، ما أوجد جهودًا دولية بقيادة أمريكا في القضاء على هذا المشروع بطريقة غير مباشرة، تقضي على القيمة الأخلاقيّة والمعنويّة له.
وأوجدوا الأزمة الاقتصاديّة الكبيرة وانخفاض أسعار البترول من 32 دولارًا إلى 7 دولارات فقط للبرميل الواحد، في الوقت الذي كان العراق يئنّ تحت وطأة المديونيّة الدوليّة، جرّاء الحرب العراقية - الإيرانية، التي استمرت 8 سنوات، وأنهكت الاقتصاد العراقي بشكل فظيع.
وقد كان الهدف الإستراتيجي الخطير من حرب عام 1991 هو إضعاف العراق إلى درجة إخراجه من المعادلة الصعبة لتوازن القوى العربية -الصهيونية. وكان يعتقد أن تدمير قدراتنا العسكرية سيجعل من العراق بلدًا ضعيفًا تجاه التهديدات الإقليمية، وبالتالي إلى انهيار النظام السياسي برعاية الرئيس صدام حسين خلال عدّة سنوات ما يسهل إعادة إحكام السيطرة على العراق بنظام سياسي جديد يخرجه من تلك المعادلة.
لكن ما حدث هو أنّ النظام السياسي العراقي صمد طويلاً واستمرّ في سياسته، ولم يتنازل عن أهدافه رغم قسوة الحصار الاقتصادي، ما تطلب البحث عن فرصة لتحقيق الهدف الإستراتيجي الخطير وهو إسقاط النظام العراقي وتدمير المؤسسة الدفاعية "القوات المسلحة".
جاءت أحداث الحادي عشر من عام 2011 في أمريكا ووصول المحافظين الجدد إلى الحكم وهم الخاضعون لسياسة لجنة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية "الإيباك" لانتهاز هذه الفرصة، واحتلال العراق بأيّ ذريعة كانت، فكانت حرب العام 2003 لاحتلال العراق وتدمير مؤسسات الدولة بذرائع كاذبة، استغلالاً للوضع النفسي الصعب للأمة الأمريكية حينما أهينت قدراتها المعنوية في عقر دارها بانهيار البرجين وما تبع ذلك من أحداث.
كان المهندس المنفذ لهذا المشروع هو الحاكم المدني بول بريمر وهو أوّل قرار اتخذه بحلّ الجيش العراقي. ثمّ أصدر بريمر أيضًا قرارًا رقم 91 يقضي بإعادة بناء القوات المسلحة العراقية على أسس ضعيفة جدًّا ومتناقضة مع مبادئ وسياقات تأسيس الجيوش الوطنية للحيلولة دون بناء قوات مسلحة عراقية قادرة على حفظ الأمن الوطني العراقي وعدم قدرته على المساهمة في حماية الأمن القومي العربي.
أبهذه السهولة يختفي جيش عريق؟
- القوات المسلحة العراقية خسرت قدرات مادية كبيرة بشكل مباشر نتيجة لحرب عام 1991 حيث خسرت 54% من قدراتها، وجرى تدمير القوى البحرية بالكامل مع خسائر متعاقبة في سلاح الطيران والدفاع الجوي خلال تلك الحرب، ناهيك عن استمرار الحرب الجوية الأمريكية - البريطانية ما بين 1991-2003 خارج نطاق شرعيّة القانون الدولي. في ربيع العام 1996 أصبحت القدرة الجوية وسلاح الدفاع الجوي والقوات البرية بشكل عام، ونتيجة للحصار الاقتصادي الشديد وعدم تعويض المستهلك من هذه القدرات وعدم القدرةعلى تحديث كل الأسلحة، وقد أصبحت هذه الأسلحة بكاملها خارج أعمار الخدمة ومن ضمنها الدروع والمدفعيّة وغيرها.
حاول مجهود التصنيع الحربي بكل ما أوتي من قوّة الحفاظ على ما تبقى من هذه القدرات، بحدود معقولة في استمرارها بالأسلحة للدفاع الوطني بالحدّ الأدنى الممكن، إلاّ أنّ ذلك لم يُسمن ولم يُغنِ من جوع في ظلّ تصاعد القدرات العسكرية للدول التي تشكل تهديدًا مباشرًا وغير مباشر للعراق، فكان عشيّة حرب عام 2003 أن لم يعد للعراق طائرة واحدة قادرة على الإقلاع، كما انهارت قدرات أسلحة الدفاع الجوي وباتت أسلحة من الماضي، وكان لدى قوات الحرس الجمهوري ما لا يزيد على 300 دبابة وعملية قتال مدرعة تم استلامها في بداية الحرب العراقية - الإيرانية، بمعنى أنّ ميزان القوى كان مستحيلاً، حيث إن هذه القوات المدمّرة والمتهالكة أمام قوات عسكرية على مستوى العالم وهي القوات الأمريكية.
بالتأكيد أن دواعي الشرف هي الوحيدة المتيسرة للقوات العراقية في القتال، لذلك قاتلت القوات العراقية 21 يومًا وهذا يُعدّ مفخرة لها وليس مثلبة كما صوّر البعض، ولم تتمكّن أيّ دبابة عراقية من مواجهة دبابة امريكية لأنها كانت تدمّر بواسطة أسلحة تطلق من الجو من خلال الأباتشي والإف 16، لذلك لم يعد هناك أيّ فرصة لإجراء أيّ مناورة للقوات العراقية بسبب التفوق الهائل للقوات الأمريكية.
كيف تنظرون إلى انتفاضة غرب العراق؟
- ما يجري في بعده الإستراتيجي يُعبّر عن صورة اكبر وأعمق ألا وهو نتائج مباشرة للتحوّل السريع للنظام الدولي من الأحادية إلى التعددية، إذ أن الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد الأمريكي ولا تزال مستمرة، سهلت من صناعة القرار الأمريكي،أن يتخذ قرارت واقعية جدًّا على مبدأ أنّ أمريكا غير قادرة على استمرارها في قيادة العالم الكبير، فالأزمات التي تُواجهها تُجبرها على التخلي عن الكثير من مصالح أمنها القومي وعليه أعلنت إدارة أوباما إستراتيجيتها الجديدة بداية عام 202، بنقل مركز ثقلها الإستراتيجي من منطقة الخليج إلى جنوب شرق آسيا لمواجهة العملاق الاقتصادي المتنامي وهو الصين.
في ذلك الوقت، بات على أمريكا التخلي عن أهمّ مرتكزين لمصالح أمنها القومي في المنطقة العربيّة ألا وهما: الهيمنة على مصادر الطاقة والأمن الإسرائيلي. وكان نجاح تقنية استخراج النفط والغاز الصخري واكتشاف كميات هائلة من ذلك في أمريكا بحدود عام 2020، ستكون قادرة على التحكّم في مصادر هذه الطاقة، وبالمقابل هناك انخفاض في مخزونات النفط والغاز الطبيعي.
أمّا المرتكز الثاني وهو الأمن الإسرائيلي فتمّ على مراحل منذ أكثر من عقدين مضت في تدمير القدرات العربية التي تُشكّل تهديدًا للأمن الإسرائيلي وهذه القدرات هي: العراقية والسورية والمصرية.
جاء قرار الإستراتيجية الأمريكية تحت شعار سياسي كبير وهو"إعادة بناء وتحديث الوطن الأمريكي أولاً"، ولفهم هذه الإستراتيجية يجب قراءة كتاب بعنوان"أمريكا وأزمة السلطة العالمية" للمفكر الإستراتيجي بريجنسكي الصادر عام 2011، ما يجعل هناك تغييرًا كبيرًا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط. بمعنى الانتقال من مرحلة سايكس بيكو إلى مرحلة الشرق الوسط الجديد.
ما هي النهاية المتوقعة لأحداث غرب العراق؟
- العراق خاضع لمرحلة التقسيم ضمن الدول الأخرى في الشرق الأوسط، وهناك تقاسم إستراتيجي كبير لأقطاب النظام الدولي الجديد القادم قريبًا. وسيكون هناك نصيب كبير لروسيا ودول أخرى كبيرة وستحدد أنابيب النفط والغاز الكثير من الحدود السياسية في الوقت الذي أصبحت إيران دولة إقليميّة عظمى.
هل لما يحدث غرب العراق علاقة ما بمجريات الأمور في سوريا؟
- ما يجري هو إعادة تكوين بيئة اجتماعية إقتصادية سياسية لتنفيذ المشروع الشرق أوسطي الجديد، لأنّ عملية تغيير النظام الدولي بحاجة لبنى اجتماعية وسياسية واقتصادية جديدة تعكس هذا الواقع القائم على التقسيم للحدود السياسية والجغرافية لدول المنطقة.
وعليه فإنّ كل ما هو موجود في الصورة لا يمثل الحقيقة، بسبب وجود منظومات شبحيّة كبرى تتضمّن شركات تبييض الأموال من أجل دعم الكثير من المنظمات والمجموعات التي تمارس ما يسمى حاليًا العمليات الإرهابية لخدمة المشروع الكبير.
كيف تمدّدت القاعدة وداعش في العراق وماذا عن الصحوات؟
- من أجل تحقيق التحوّل إلى الشرق الأوسط الجديد ومغادرة مرحلة سايكس بيكو بنجاح ، جرى تأسيس قوى رسميّة وأخرى شبحيّة لإدارة هذا التحوّل. ومن ناحية أخرى، فإنّ السياسات التي تعتمد على قاعدة الفعل وردّة الفعل تُساعد في هذا موضوع إنماء الحالة المضطربة في هذه المنطقة.
إنّ الإرهاب يُولد من رحم اليأس وفقدان الأمل لمعظم الناس البسطاء، فلو توفرت القيادات القادمة من المستقبل لتتسامى على كل نتائج السياسات القديمة والمعاصرة، وستعمل على خلق بنية اجتماعية ومن ثمّ سياسية تتفادى كل هذه المخاطر التي تهدد الوجود الحي لشعوب المنطقة.
حدثنا عن مشاركتكم في حرب عام 1973 ؟
- كما هو معروف فقد شاركنا فيها بدون تهيئة سياسية أو ميدانية لأننا علمنا بها من وسائل الإعلام ولم ينسق معنا أحد، لكن الجيش العراقي السابق كجيش قومي أعد نفسه جزءًا أساسيًّا من قدرات الصراع العربي لقضية فلسطين، وعليه عندما أوعزت القيادة السياسية العراقية آنذاك، بإشراك الجيش كان من السهل جدًّا التكييف الإستراتيجي والميداني في هذه الحرب مع كلا الجيشين السوري والمصري بحكم العقيدة القتالية وأساليب القتال في الجيش العراقي، أعّدت لمواجهة الجيش الإسرائيلي، وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتنا في تنقلنا الإستراتيجي إلى مسرح العمليات السوري والإسرائيلي على حدّ سواء، إلاّ أن جيشنا تمكّن من تحقيق هدف إستراتيجي كبير وهو الحيلولة دون احتلال دمشق أو حصارها من قِبل الجيش الإسرائيلي.كما أننا شاركنا بخمسة أسراب جويّة في الجبهة المصرية.
عندما وصلت قوات جحافل المعركة الأمامية للجنرال الإسرائيلي "لانر"، مفرق "سعسع" و"كناكر" على الجبهة السورية، هاجمت القوات العراقية وعبر هذا التنقل الإستراتيجي الكبير مركز القوات الإسرائيلية البالغ عددها 9 ألوية ميكانيكيّة مدرّعة في تلّ الشعر، في هضبة الجولان، ما أجبر قائد القوات الإسرائيلية على إيقاف التقدّم، نحو دمشق، والانسحاب إلى القطاع المركزي لمواجهة القوات العراقية المهاجمة للجناح الشرقي للقوات الإسرائيلية، وهذا يعتبر هدفاً إسترتيجيًّا كبيرًا حققته القوات العراقية على الرغم من خسارتها لعدد من المعارك التكتيكية، نتيجة هجماتها السريعة وغير المنسّقة مع القوات السورية، وكان حجم قواتنا 3 ألوية مدرّعة من الفرقة الثالثة ولواء مشاة جبلي ولواء مشاة سهول في الوقت الذي تكاملت القوات العراقية ليلة 22-10-1973 ليلة قبول سوريا بوقف إطلاق النار، فرقة مدرعة إضافيّة رقمها 6 إلاّ أنّ الحرب انتهت ولم تتمكّن هذه الفرقة من المشاركة.
0 التعليقات: