أخر الأخبار

.

باكستانيون في النجف

باكستانيون في النجف


عراق العروبة
فاروق يوسف

بالنسبة لسكان غرب العراق، وهم الذين جرى تصنيفهم من قبل المحتل الاميركي باعتبارهم عربا سنة فان القيامة كانت قد حلت في ديارهم في وقت مبكر.

ففي عام 2004 تعرضت الفلوجة لحربي ابادة، استعملت القوات الاميركية فيهما مادة الفسفور الابيض، وهو غبار حارق تمتد تأثيراته السلبية لعشرات السنين. وهو ما جعل منظمات طبية دولية تحذر النساء هناك من امكانية ولادة اطفال مشوهين. وهو ما وقع فعلا.

ولهذا كان من الطبيعي أن يكون استعمال تلك المادة محرما في الحروب بين الجيوش، فكيف إذا تم استعمالها ضد المدنيين؟
كانت القيامة يومها لا تحتاج إلى ظهور المهدي المنتظر، الامام الثاني عشر بالنسبة للشيعة والذي يقال إنه اختفى حين كان طفلا وبظهوره تكون البشرية قد اقتربت من يوم الساعة، حيث قيامتها.

فالفلوجيون عاشوا تفاصيل القيامة قبل أوانها.
وهم اليوم يعيشون فصلا جديدا من فصولها، حيث هجر العد الاكبر من سكانها. أما من بقي فانه اختار الاقامة بين جحيمي داعش والجيش العراقي.

في النجف، حيث مرقد الامام علي بن أبي طالب، جرت أكثر من محاولة لظهور المهدي. كان النجفيون على موعد دائم مع شخصيات أدعت أنها المهدي المنتظر أو زعمت أنها مرسلة من قبله لتبشر اهل الارض بقرب ظهوره. وقد تمت تصفيتها.
وكما هو معروف فان الكثيرين يلحقون بذكر المهدي جملة تقول (عجل الله فرجه) وهو ما يفصح عن رغبتهم الانتحارية في التخلص من عبء الدنيا والذهاب إلى القبور، حيث تنتظرهم هناك الحوريات وانهار من خمر، يقال إنه لن يكون مسكرا. اضافة إلى العسل واللبن. وهما مادتان متوفرتان بكثرة في الاسواق.

ولكن ما لم ينتظره أحد من سكان النجف أن يظهر المهدي في مدينتهم لكن بطبعة باكستانية.

سيكون مقبولا لو قيل إن الرجل، عربي الاصل كان قد اضطر في لحظة عصيبة من لحظات غيبته إلى طلب اللجوء الإنساني إلى باكستان ومن ثم حصل على الجنسية الباكستانية ومن بعدها حانت لحظة ظهوره، ولكن المهدي الذي ظهر مؤخرا في شوارع النجف ظهوره محاطا بمريديه كان باكستانيا أبا عن جد.

لذلك لم تكترث السلطات المحلية لظهوره، بل نظرت إلى الامر كله باعتباره نوعا من الدعابة. لو كان الرجل عربيا لقتلته تلك السلطات، من غير أن تتحقق من صدق مزاعمه أو كذبها. فمن وجهة نظر تلك السلطات فان موعد الظهور لم يحن بعد. هناك ثروات كثيرة يتطلب الاستيلاء عليها مزيدا من الوقت.

ولان الحكومة الاتحادية في بغداد مشغولة بأمرين مصيرين: حربها القيامية غرب البلاد وبالاخص في مدينة الفلوجة المنكوبة بسخط اميركي وحقد طائفي والامر الثاني يعلق باعادة تأهيل رئيسها لولاية ثالثة فان خبر ظهور المهدي الباكستاني في النجف لم يصل إليها.

غير أن الخطير في تلك الظاهرة لا يتعلق بجانبها المذهبي، بقدر ما يتعلق بتداعيات ذلك الظهور على عدد من أحياء النجف.

فالرجل الذي ينتحل شخصية الامام الغائب هو في حقيقته زعيم عصابة يمتهن أفرادها "الدعارة الدينية" إلى جانب نشاط عقاري، يتم من خلاله اجبار سكان تلك الاحياء وجلهم من الفقراء على بيع بيوتهم إلى عوائل باكستانية.

هو اذاُ مشروع استيطاني يتم تنفيذه تحت غطاء قيامي في ظل صمت رسمي. وهو الصمت الذي يعبر عن تواطؤ حيث صار فقراء العراق يتفادون الاصطدام برجال الدين الجدد، بغض النظر عن جنسيتهم مخافة أن يؤدي بهم إلى أن يقعوا تحت طائلة قانون مكافحة الارهاب.


أخيرا أتساءل إذا كان الباكستانيون قد نجحوا بذريعة ظهور المهدي في الاستيلاء على بيوت العراقيين فما الذي فعله الايرانيون بالعراقيين وهم الذين لا يحتاجون إلى انتحال كذبة قيامية، ذلك لان الحكومة المحلية تدين لهم بالولاء؟

0 التعليقات: