أخر الأخبار

.

الانبار بين سطوة المليشيات الشيعية واطماع الحزب الاسلامي ومشروع هميم




الانبار بين سطوة المليشيات الشيعية واطماع الحزب الاسلامي ومشروع هميم






عراق العروبة
هارون محمد


طالما لم يظهر بديل وطني يسد الفراغ السياسي والامني والاداري في محافظة الانبار التي تشكل ثلث مساحة العراق وتضم مليوني انسان، اكثر من نصفهم، يتوزعون بين نازح ومهجر ومعتقل ومطارد ومجتث، فان الاوضاع فيها لن تستقر وستبقى عرضة للاضطراب وتوقع الاسوأ في قابل الايام، بعد استكمال تحرير الفلوجة وباقي المناطق الغربية وخصوصا وادي حوران والقائم وصولا الى شمالها المجاور لمحافظة نينوى .

ومما ساعد على انتشار موجة القلق على مستقبل هذه المحافظة التي تمتد حدودها مع ثلاث دول عربية (السعودية والاردن وسوريا) التراخي الحكومي في التعاطي مع مشاكلها السابقة والمستجدة ، واحتلال المليشيات الشيعية لمناطقها الجنوبية (النخيب) وتوابعها، وحصارها لبلدات الفلوجة والكرمة وعامرية الفلوجة والصقلاوية وابراهيم العلي حتى ابو غريب والرضوانية، وبروز نزاع اشتد مؤخرا بين ادارتها المحلية ممثلة في محافظها القيادي في الحزب الاسلامي صهيب الراوي ورئيس واعضاء مجلس المحافظة المنتمين لعدة كتل سياسية واطراف عشائرية، ودخول ايران عليها عبر طرفين احدهما منظم في مشروع خطير، يقوده رئيس ديوان الوقف السني عبداللطيف هميم الذي لا ينكر تعاونه السياسي مع ايران وزياراته الدورية الى قم وطهران، وعلاقاته الوثيقة مع مكتب الولي الفقيه الخامنئي وصلاته الحميمة مع حزب الله اللبناني، وثانيهما ارتزاقي يشارك فيه اشخاص مغمورون (شيخّهم) نوري المالكي ولم يتخل عنهم حيدر العبادي، امثال حميد الهايس وفيصل العسافي وثامر التميمي وبعض قيادات (الصحوات) المنقرضة . 

وقد لوحظ ايضا ان حكومة العبادي استبعدت تماما شيوخ عشائر حقيقيين وعمداء بيوتات عريقة ومثقفين واكاديميين وقادة عسكريين محترفين ورجال اعمال وطنيين، عبروا عن استعدادهم في خدمة محافظتهم وانتشالها من الواقع المزري الذي تعيشه، والمفارقة ان الاجهزة الحكومية فعلّت مذكرات اعتقال كيدية اصدرها المالكي ضد عدد من هؤلاء، في اجراء واضح النوايا والاهداف .

وقد وصلت حدة المنافسات بين الاطراف الساعية لاختطاف الانبار ومصادرة ارادة شعبها، الى تبادل اتهامات شنيعة في ما بينها، تفرج عليها القضاء العراقي رغم خطورتها وضرورة التدخل لحسمها، ومنها ما أعلنه اعضاء في مجلس المحافظة حملّوا رئيس الوقف السني عبداللطيف هميم مسؤولية مقتل بعض مسؤولي عمليات نزع الالغام وعدد من النازحين العائدين الى بيوتهم في الرمادي، بعد ان صدقوا وعوده بنظافة مناطقهم، في حين رد عليهم الاخير واتهمهم باعادة تفخيخ المنازل بعد تأهيلها من قبل موظفي ديوانه، معلناً وجود وثائق وصور يحتفظ بها ولكنه لم يكشف عنها لحد الان .

ومع تزايد الاستقطاب السياسي بين الحزب الاسلامي وديوان الوقف السني ومجلس محافظة الانبار، الذي بلغ درجة مروعة في الاسابيع القليلة الماضية مع سعي هذه الاطراف الى شراء ذمم القيادات العسكرية والامنية فيها بمبالغ فلكية، يلتزم رئيس الحكومة حيدر العبادي الصمت على ما تشهده المحافظة المنكوبة من خراب يضاف الى خراب تنظيم داعش الذي خلفه فيها طيلة احتلاله لها، دون ان يبادر الى اتخاذ اجراءات سريعة توقف حملات اعتقال النازحين وهم بالالاف وتخصيص أموال لاعادة اعمارها وتأمين عودة سكانها المدنيين الى بيوتهم ومناطقهم التي حُررت دون ان يلمس الانباريون ذلك ميدانيا وعلى الارض .

ورغم ان تنافس الاطراف المتوثبة للسيطرة على المحافظة، بات معروفا في اغراضه ويتمحور اساسا في الهيمنة على أموال تبرعت بها الامم المتحدة وواشنطن وطوكيو والاتحاد الاوربي بلغ سقفها المعلن 120 مليون دولار، لاعادة اعمار الانبار حصراً، الا ان حكومة العبادي وفي محاولة منها للاستحواذ على التبرعات الدولية، فانها عمدت الى خلط الاوراق واعلنت عن تشكيل اكثر من لجنة حكومية غير متجانسة، فهي ألفت لجنة عينت على رأسها عبداللطيف هميم وضمت في عضويتها المحافظ صهيب الراوي ووزير الكهرباء قاسم الفهداوي قبل اقالته، وشكلت لجنة اخرى برئاسة المحافظ وعضوية ممثلين عن الوزارات الامنية والخدمية، ثم شكلت لجنة ثالثة رأسها رئيس ديوان الرقابة المالية السابق عبدالباسط الحديثي، وهكذا تداخلت مهام اللجان المتعددة وتعطلت اعمالها، مما انعكس سلبا على المحافظة التي بات شعبها لا يعرف المسؤول الفعلي عنها، واي اللجان الحكومية معنية باعمارها، في ظل فوضى ادارية وامنية وصراعات داخلية وصلت في الفترة الاخيرة الى اتخاذ قرارات مزاجية كما حصل في ناحية الكرمة مؤخرا، عندما تحالف عدد من شيوخها المتواطئين مع المليشيات الشيعية، على منع العوائل النازحة من الناحية في العودة اليها، اذا كان احد ابنائها او قريب لها متعاونا مع تنظيم داعش، في خروج صريح على الشرع الاسلامي الذي ينص على ان (لا تزر وازرة وزر اخرى) ومخالفة للقوانين السائدة التي تحمّل الشخص وحده مسؤولية ما يقوم به، اضافة الى ان مثل هذا الاجراء سيخلق عداوات تقود الى عمليات ثأر لا تتوقف .

ان الحل المنشود انسانيا على الاقل، لانهاء معاناة أهل الانبار واعادتهم الى ديارهم والبدء في اعمار المحافظة على اسس سليمة ونزيهة، يتمثل في ان تتولى الامم المتحدة ومنظماتها الاغاثية والحقوقية والانسانية ادارة المحافظة في المرحلة الراهنة بالتعاون مع الحكومة العراقية التي عليها ان تلزم اجهزتها ودوائرها ومسؤوليها بعدم التدخل في مهمة المنظمة الدولية وانما تقديم العون والحماية لها، بعد ان بدأت تلوح في الافق حرب جديدة تكون هذه المرة بين ابنائها المعذبين والمهمشين، مع دوائر حكومية متنفذة وجهات حزبية وسياسية تسعى الى التسلط على مفاصل المحافظة ومليشيات شيعية اعلنت انها لن تنسحب من مناطق وبلدات احتلتها، وبالتأكيد فان الانبار لا تحتمل وهي التي تعرضت الى ظلم وقهر كبيرين من الحكومات المتعاقبة حربا جديدة تبدأ ولا تنتهي .




0 التعليقات: