إنّهم يحبّونك ميتاً
إنّهم يحبّونك ميتاً
عراق العروبة
علي السوداني
مكاتيب عراقية
1
لاتكنْ فظّاً فتنفضُّ الناسُ مِنْ حولِكَ أيُّها الدرويش . امنحْهُم تلك البهجةَ المنتظرة . مُتِ الآن أيها الدائخُ بهم . سيحجّون صوبَ قبرِكَ ، ويسوّرونك بأعظم مراثي الحبّ . تلك هي فرصتُكَ الوحيدةُ ، فمُتْ ولا تخذلْهم . لقد اشتهوكَ هكذا ، وانتهى الأمر الذي كانوا فيه يختصمون .
2
سأخلعُ من رأسيَ بعضَهُ . أحتاجُ الليلةَ طبيباً جرّاحاً ماهراً رحيماً ، لا يكلّفني إلّا وسعَ جيبي .
أريدُهُ أن يحذفَ من دماغي ، قطعةً عاطفيةً مزعجةً مقلقةً فائضة . ورَمٌ صغيرٌ معتَّقٌ ثقيلٌ ، تنضجُ فيه طبخةٌ مملوحةٌ اسمها حبُّ الوطن . سأصوم عن سماع الأغنيات العتيقة ، فهي مسربٌ ومنبع للدموع السواخن ، أو الشجن الذي يقصف القلب فيضعفه .
3
أحييك أيها الأب العظيم الساكن ببطن خيمة لجوء مهين . أنت تمنحني وقتاً طيباً كي أكتب عنك وزوجك وعيالك ومرضك وجوعك . أنا أحسنُ منك يا شقيق . عندي مدفأة وسطل وقود كبير .
لا شيء تحت يمينك انت . مطري ماء من الله ، ومطرك هاونات نار من الشيطان . كَلكِلْ على أطفالك وامنحهم بقيا دفء دمك . خيمتك باردة جداً . أنا خجل منك ومن عيون أهلك .
4
الشاشةُ مصبوغةٌ بالسخامِ . صفراء مثل عصرية مقبرة . حمراء مثل حريّةٍ بائسة . لكنْ لا تحزنوا ولا تهنوا . إنَّ شفاهَ المذيعةِ شهيّةٌ مبهجة ، وصدرَها منفوخٌ بضحكةٍ خليعة . الأخبار العواجل تتحدث عن غزوة مفخخات طازجة . لا تنطروا معجزة ، لأن مصانع التلغيم ، صارت لغة مشاعة تلعب في الرؤوس .
5
بما أننا نعيش تجمعاً فحولياً خالصاً ، وبما أنّ الزوجة تحب بعلها وتعيش معه الحلوة والمرة ومحنة رأس الشهر ، وتخشى عليه من عيون الحاسدات الحلوات ، فيجوز لها أن تطلب منه كلمةَ سرِّ بريدِهِ الفيسبوكيّ ، ليس لأنها تشكّ في مقدار عشقهِ لها ، بل فقط كي يطمئنَّ قلبُها .
6
يجب أن تكون الديمقراطية في العراق ، هي رأي الأقلية من النخبة العالمة المبدعة النزيهة الخلاقة . الأكثرية القائمة الجاهلة المضللة المخدرة الآن ، هي التي انتخبتْ الحرامية والخائنين والمنافقين والدجالين ومنغلة الغزاة . بعد سنوات من الكنس والتطهير ، بمستطاعنا العودة إلى التوصيف الأصلي للديمقراطية الجميلة النظيفة ، التي ستنتجها الأكثرية الواعية حتماً.
0 التعليقات: