أخر الأخبار

.

جبران خليل جبران في رائعته الروائية “النبي” يفجر ينابيع اللغة تفجيرا!







 جبران خليل جبران في رائعته الروائية “النبي” يفجر ينابيع اللغة تفجيرا!





عراق العروبة
كمال الهردي *







بعد رحلة يمكن أن توصف بالمديدة زمانيا ومعرفيا طفت خلالها حول مروج الأدب الفرنسي وعرجت على الأدب الانجليزي ثم تفيأت الظلال الوارفة للأدب العربي حيث أطلت المقام مستحسنا بهاءه وسناءه ، وقعت على السردية الرائعة ( النبي ) للنابغة جبران خليل جبران !

ولأن مشاعر الإحساس لدي بالدهشة من روعة عمل أدبي ما ﻻ تستفز بسهولة إلا أن العمل الأدبي الخالد ( النبي ) لجبران أبى إلا أن يقذف بمؤشر الإعجاب إلى أعلى مستوياته ليجاوز أطوار الدهشة ويصل تخوم الذهول على تلك الخلفيات المتعددة من القوالب اللغوية المصاغة بحرفية قلما تجد لها نظير !

ذلك العمل الذي كاد أن يصل إلى ( 400 ) صفحة – وليته فعل – ﻻ يخلو سطر فيه من صورة بلاغية بديعة أو مسكوكة لغوية بقيمة الذهب وبصفاء الياقوت ! كلما فرغ القارئ من صفحة تمنى ألا يغادرها إلى تاليتها خشية أن يخلف وراءه تلك الدرر من جواهر الألفاظ وفرائد المعارف ودقائق المعاني !

حالة غريبة هي تلك التي تأخذك أثناء قراءة ذلك العمل الأدبي المعجز ؛ سحر يلقي بك في رياض تجربة حياتية غنية تفيض بمعارج حكمة إنسانية تجلت على نحو كريستالي في كلماته التي أصاب بها أكباد معاني الحقائق وحقائق المعاني ! تحدث جبران عن رؤاه الحياتية والدينية والإنسانية والفلسفية مازجا ذلك بالمنطق تارة وبالجنون والتمرد تارة أخرى ! وهكذا يظل القارئ يتأرجح بين منطقيات جبران وجنونياته ، ولكنه تأرجح مثير للفكر وجدير بالذكر .

جاءت السياقات السردية في ( النبي ) بتلاوين متعددة وتصاوير متباينة إذ تجد الرواية وكأنها توليفة متجانسة من تجارب حياتية ناضجة ومتماسكة على نحو مبهر وشاد ! استطاع جبران أن يتماهى مع تجاربه الشخصية الفريدة تلك ليخرجها لنا بقالب لغوي شديد التميز والذكاء لدرجة تجعل من عمله ذاك ( معلقة أدبية ) !

ومع أن العمل كان في نسخته الأولى باللغة الانجليزية إلا أن النص الموازي باللغة العربية جاء بحلة قشيبة ﻻ تقل جمالا عن النص الأصلي. والأمر اللافت أن لغة جبران الأم هي اللغة العربية بيد أنه امتلك أيضا” ناصية اللغة الانجليزية ليطوعها جاعلا إياها تنصاع لمعانيه التي أرادها بدقة متناهية !

ﻻ أتصور أن يتكرر ذلك العمل الأدبي في المئة العام القادمة ، إنه بحق ( رائعة عالمية ) ! .


*كاتب وروائي يمني





0 التعليقات: