أخر الأخبار

.

حكومة انقاذ وطني وصراع إرادات !!


حكومة انقاذ وطني وصراع إرادات !!


عراق العروبة
أنمار نزار الدروبي

الإنقاذ الوطني: هو تعبير يدل على تعبئة كل موارد وطاقات وجهود الأمة من أجل أنقاذ المصلحة المشتركة خلال أزمة ما، ولقد أستعمل هذا التعبير لأول مرة في زمن الثورة الفرنسية عندما هوجمت فرنسا من جهات عديدة حيث تم تشكيل مايعرف بلجنة الإنقاذ الوطني، وبالتالي هو مصطلح يدل على تشكيل حكومة أو قيادة معينة لأنقاذ الوطن من خطر محدد .
وفي العادة حكومة الإنقاذ الوطني تأتي بعد الثورات أو هزة وكارثة كبيرة تحدث في بلد ما.. الحمد لله العراق يعيش مئات الكوارث والهزات الأمنية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية منذ أربعة عشر عام .

من الناحية القانونية..ان القوانين الدولية تدعم هذا الشكل من الحكومات وذلك لتعزيز السلم والأمن، والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يسمح بتشكيل حكومة انقاذ وطني .
في الأيام القليلة الماضية كثر الحديث بالمطالبة بتشكيل حكومة انقاذ وطني بالعراق ومجلس عسكري وذهب البعض منهم مناشدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على تشكيل حكومة انقاذ وطني !!

وهنا يجب ان نطرح بعض التساؤلات :
1. هل ان حكومة الإنقاذ الوطني والمجلس العسكري ستكون ضرورة موضوعية حتمية لحل مشكلات العراق أم أنها معالجة وقتية لعجز وتخبط سياسي ؟

2. هل ان الإصلاح والتغيير سيأتي من المحتل وهي الولايات المتحدة ورئيسها رجل المال والأعمال، ومن المخابرات المركزية الأمريكية CIA التي وضعت كل الخطط التآمرية على العراق، أم المناشدة بالتغيير تأتي من وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) التي باعت العراق لإيران منذ عام 2003 ؟!

3. هل ستسمح إيران التي لها اليد الطولى في العراق بتشكيل حكومة انقاذ وطني ومجلس عسكري يدير شؤون البلاد ؟!

مما لاشك فيه ان حالة العراق السيئة والصعبة الذي لاينكرها إلا جاحدا تحتاج إلى عملية تغيير قيصرية، بعد ان أثبتت العملية السياسية بالعراق فشلها الذريع بكل جوانبها وبالتحديد في قضية الدستور العراقي الذي كتبه الاحتلال الأمريكي وبأيدي عراقية مأجورة، الحقيقة التي لاغبار عليها ان الدستور العراقي كان ومازال الأساس الهش والضعيف الذي بنيت عليه العملية السياسية في العراق عندما تعامل مع العراقيين بصيغة الشيعي والسني والكردي والتركماني وليس كشعب عراقي واحد موحد .

البعض يعتبر حكومة الإنقاذ الوطني وتشكيل مجلس عسكري إنقلاب داخلي ابيض، والبعض الآخر يراها عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات وضرب الديمقراطية بعرض الحائط .. الطبقة السياسية ترفض وبشدة اية فكرة او مشروع يدعو للتغيير لأنه سيؤدي إلى سحب البساط من تحت أقدام الفاسدين . 
أما إيران المحتل الحقيقي للعراق، ولها السيادة الكاملة على حكومة المنطقة الخضراء وهي التي توافق أو ترفض على تعيين رئيس الوزراء، رئيس مجلس النواب وغيرها من المناصب السيادية الأخرى، لن تسمح بفكرة الإنقاذ الوطني والمجلس العسكري وستحاول إفشال اية محاولة للتغيير والإصلاح لانها تعي جيدا ان وجودها في العراق وسطوة نفوذها على المشهد السياسي والعسكري مرتبط بوجود هذه الطبقة السياسية الفاسدة .

في الجانب الآخر من الرواية حول مناشدة الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب بالتدخل لتشكيل حكومة انقاذ وطني ومجلس عسكري،مع احترامي وتقديري لكل الآراء، هل يعقل ان الولايات المتحدة التي دمرت العراق وقتلت شعبه وشردت الملايين من أبنائه وبعد أن باعت العراق بثمن بخس إلى حكومة الملالي في طهران مستعدة لتقديم أدنى مساعدة للشعب العراقي وستعمل على أنقاذه من هذا العفن السياسي وستحرر العراق من سطوة النفوذ الإيراني البشع ؟!

كيف نطلب المساعدة من دولة جعلت من العراق العظيم مأوى للإرهاب والارهابين بعد أن فتحت الحدود على مصراعيها وقالت للقتلة والمجرمين أهلا وسهلا بكم في العراق ؟

في حواره مع شبكة(أس أن بي سي) أكد مدير وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية مايك بومبيو ان إيران موجودة في كل مكان في الشرق الأوسط وان نفوذها الذي وصفه بالهائل وأصبح تأثير إيران هائل سواء نظرنا إلى تأثيرها في بغداد أو القوة المتزايدة لحزب الله ولبنان وعملها مع الحوثيين والشيعة العراقيين على حد وصفه الذين يقاتلون في سوريا،هذه التصريحات دليل واضح على خبث الإدارة الأمريكية وتواطؤها مع إيران.. ان مسألة العلاقات الأمريكية الإيرانية وتبادل الأدوار في الشرق الأوسط أصبحت قضية واضحة للجميع .

لقد بات من الضروري تشكيل حكومة انقاذ وطني ومجلس عسكري بعد ان تحولت الكتل والأحزاب السياسية إلى لوبيات فساد وأصبحت عبارة عن كائنات هشة ووحوش كاسرة هدفها الأساسي عقد الصفقات المشبوهة والاستيلاء على أموال الدولة لتحقيق الأهداف والمصالح الشخصية، سيما ان المشهد السياسي في العراق يعيش حالة من الارتباك وصراع الإرادات . 

الجميع متحزب ومسيس.. مخطأ من يزعم ان قضية التغيير والإصلاح مهمة سهلة، ومخطأ من يستهين بحكومة المنطقة الخضراء المرتبطة بأجندات خارجية ومليشياتها المسلحة .

نحن في مرحلة حاسمة ومفترق طرق يواجه فيها الشعب العراقي تحديات كبيرة وخطيرة في جميع الملفات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية بالإضافة إلى التقصير الواضح والمتعمد في المجال الأمني، الانهيار في البنى التحتية والخدمات الأساسية، كل هذا كان له تداعياته السلبية على المناخ السياسي في العراق بمالايسمح بأجراء انتخابات برلمانية ترضي جموع العراقيين. إذن اصبح رحيل الطبقة السياسية الحالية ضرورة ملحة ليحل محلها شخصيات عراقية وطنية كفؤة من الأكاديميين وقيادات الجيش من يمتلكون القدرة على قيادة المشهد السياسي في المرحلة القادمة والتعامل بكل حرفية مع كل هذه الملفات المعقدة لكي تخرج العراق من النفق المظلم .

بعد أن استوعبنا الدرس جيدا اتفقنا على التغيير ولكن.. التغيير يأتي بالإرادة الوطنية العراقية التي تصنع المعجزات، التغيير ليس مجرد مقال أو خطابة وإنما عبارة عن دروس وعبر ونماذج.. يجب ان نقف مع أنفسنا وفرز المخلصين وتوحيد الصفوف لتحقيق التغيير والإصلاح في بلاد وادي الرافدين .
أخيرا..هل يتذكر العراقيون إنجاز واحد تحقق على يد جميع الحكومات بعد عام 2003 بدأ من مهزلة مجلس الحكم إلى اليوم ؟!
لكن المواطن البسيط عندما يرى ويسمع الساسة وهم يتحدثون عن مكافحة الفساد والمبادئ والمثل العليا ويدافعون عن مصلحة الشعب تشعر وكأنك تسمع أصوات من كوكب آخر غير كوكب الأرض .

0 التعليقات: