أخر الأخبار

.

أصداف : التخطيط لوظائف المستقبل


أصداف : التخطيط لوظائف المستقبل


عراق العروبة
وليد الزبيدي




يحدد المستوى العلمي للطلبة في نهاية المرحلة الثانوية نوع الوظيفة التي يشغلها الشخص، فالذي يدخل اختصاص الطب ينتهي به المطاف للعمل في هذا التخصص ومثل ذلك الهندسة والتخصصات الأخرى، هذا هو السياق المتعارف عليه في جميع المجتمعات منذ مئات السنين في الدول والمجتمعات التي ظهرت فيها الجامعات في وقت مبكر، والحال مشابه لذلك في الدول التي ظهرت فيها الجامعات في مراحل لاحقة، لكن السؤال الأهم الآن يقول: هل ما زال هذا السياق في الحصول على الوظائف قائما ؟


بدون شك أن ثمة تغييرات هائلة تجري على هذا الصعيد وبوتيرة متسارعة، في حين ما زالت القناعات القديمة والكلاسيكية عند العوائل لم تتزحزح عن السياقات السابقة، وهذا أمر يحتاج إلى أكثر من وقفة ويستدعي مراجعة عميقة من قبل العوائل وحتى الجهات المعنية بتوفير وظائف للناس في جميع المجتمعات .

على سبيل المثال لا الحصر، ما زال مئات الآلاف من الطلبة يمنون أنفسهم بوظائف متميزة في المستقبل في سلك المحاماة، وهناك آلاف العوائل التي تخطط لدخول الأبناء في كلية القانون بعد سنوات من الدراسة، وفي أذهان وتصور هؤلاء جميعا صورة المحامي الذي يحصل على مردود مالي جيد، فهو الشخص المتخصص في القانون ويعرف كل شاردة وواردة في اختصاصه، ويطرق بابه باستمرار أصحاب الهموم الذين يأتون إليه ليذكروا ما حصل لهم وكيف يسترجعون حقوقهم، بعد ذلك يتولى المحامي مسؤولية تقديم القصة وما هي الجوانب القانونية التي تعيد له حقه المستلب، وفي واقع الحال فإن المحامي يؤدي دور الخبير في استخراج الفقرات القانونية المناسبة لجوهر القضية، ويصوغ في ضوء ذلك مطالعته التفصيلية التي تتضمن ما حدث والتكييف القانوني لها .

بالعودة إلى ما قلناه من أن مئات الآلاف من العوائل ومن الشابات والشباب الطموحين، قد يكون هؤلاء غير مطلعين على تطور كبير حصل في هذا الحقل كما يحصل في مختلف التخصصات الأخرى، وذلك بعد أن انتقل العالم من الأتمتة التي دخلت فيها الآلة وأبعدت الكثير من الناس عن وظائفهم التي تدر عليهم أرزاقهم، ثم جاء الهجوم الأوسع والأكبر المتمثل في الذكاء الاصطناعي، الذي يقتحم الحياة ويبعد الكثير من الناس عن وظائفهم التقليدية .

عندما نتحدث عن قطاع المحاماة فهذا لا يعني أن القطاعات الأخرى استثناء من ذلك، وبعد أن طرحت شركات التقنيات الحديثة برنامج ما يمكن تسميته بالبديل عن المحامي فإن هذا سيؤثر كثيرا على عمل هذا القطاع، وينتشر البرنامج في الولايات المتحدة حاليا، ولا يحتاج صاحب القضية البحث عن محامٍ ضليع ومتخصص وله خبرة وتاريخ، وكل ما عليه فعله أن يفتح البرنامج المصمم بطريقة سهلة وذكية، ويتلقى المستخدم مجموعة من الأسئلة، بعدها تخرج له مطالعة قانونية في غاية الحبكة والدقة، وما عليه سوى تقديمها للقضاء .

إن القصد من هذا الحديث ليس إحباط الكثيرين، لكن القصد منه إعادة التخطيط لوظائف المستقبل .

0 التعليقات: