أخر الأخبار

.

مؤتمر وارسو صراعات جيوسياسية بعيدا عن الخلاف الإيديولوجي !


مؤتمر وارسو صراعات جيوسياسية بعيدا عن الخلاف الإيديولوجي !


عراق العروبة
أنمار نزار الدروبي



_يقول الباحث والمفكر..مايكل روسكين..في كتابه (مقدمة في العلوم السياسية)..تعتبر العلاقة بين مهنتي السياسة وعالم السياسة مماثلة تقريبا للعلاقة بين البكتريا وعالم البكتريا..فهناك بعض الأشياء في السياسة لها حياتها الخاصة مثل البكتريا.

في الحقيقة، الضوابط تلزمنا ونحن نكتب أن نستوفي الشروط التي تدعم مقالنا لتحقيق قيمة مضافة في ذهن القاريء..الأمانة..الحياد..الموضوعية.

تشهد العلاقات الأمريكية_الإيرانية ومنذ وقت طويل جدلا واسعا ..فعلى مستوى التنظير وعلوم الاستراتيجية لاتزال هذه العلاقة موضع شك ولبس بالنسبة لكثير من الباحثين والسياسيين. وفي إطار تقييم وتحليل الصراع الأمريكي_الإيراني وإسقاطه على الساحة العربية، لابد لنا أن نعترف بأن مخطط الشرق الأوسط الجديد ألقى بظلاله على كافة الخلافات والنزاعات الإيديولوجية التقليدية..ومانشاهده من معارك إعلامية في التهديد والوعيد بين واشنطن وطهران لايتجاوز الحرب الكلامية. 

من هنا ننطلق لتحديد مسار هذه العلاقة المشبوهة؟ مما لاشك فيه أن السياسة الأمريكية مضطربة وفي حالة تخبط غير مسبوق..ومن خلال قراءة الواقع السياسي الحالي،فإن الولايات المتحدة الأمريكية في حالة حرب عالمية تشنها ضد العديد من دول العالم، بضمنها الصين وروسيا وتركيا وحتى الاتحاد الأوروبي. وقد يستغرب القاريء عدم ذكر إيران؟! قناعتي لاتوجد مشكلة حقيقية بين أمريكا وإيران..جيوسياسيا تعتبر إيران ضمن منطقة نفوذ أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، التي تخضع للهيمنة الأمريكية، والنظام الدولي في مجمل بنود الاتفاقات السرية التي تحكمه لايسمح للصين وروسيا وغيرها أن تلعب ضمن هذه المنطقة. بغض النظر عن التدخل الروسي في سوريا، الذي كان ضمن صفقة أمريكية_روسية، منحت فيها واشنطن دورا مهما للدب الروسي في الحفاظ على أمن إسرائيل واستعادة مكانته دوليا. أما سجال الخلافات والتناقضات بين ظفتي الخليج فهذه ديناميكية صراع يدخل في استراتيجية تدوير عجلات اقتصاد تصدير السلاح والسيطرة على البترول.

أولا.. مؤتمر وارسو والنظام السياسي الدولي!
من المعروف أن النظام السياسي الدولي في مراحله التاريخية بدأ بالتطور منذ عقد معاهدة وستفاليا عام 1648م، حيث شكلت هذه المعاهدة المنطلق التاريخي من النظام السياسي الدولي. وتعد معاهدة وستفاليا اول اتفاق دبلوماسي في العصر الحديث، حيث أنهت فيه حربا وصراعا دام ثلاثين عاما وأرست نظاما جديدا في أوروبا الوسطى مبنيا على سيادة الدول. كذلك معاهدة فرساي عام 1919م، والتي كانت لهذه المعاهدة الأخيرة التأثير الواضح في النظام العالمي، من خلال إصلاح عمل الكنيسة وعدم تدخل البابا في شؤون الدولة. بيد انها نجحت أيضا في وضع معايير وأسس مفهوم الدولة المعاصرة، التي تنص على احترام الحدود الجغرافية للدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية.. حينها ولدت قارة أوروبا العصرية.

السؤال: هل يمكن لمؤتمر وارسو وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية أن يضع أسس وقواعد لنظام سياسي دولي جديد في منطقة الشرق الأوسط، جوهره إنهاء عربدة زمرة الملالي الايرانية في المنطقة.. باعتبار أن الأمريكان هم الفاعل الرئيسي للنظام السياسي الدولي في الوقت الراهن؟

الجواب يتوقف على ماهية مخرجات مؤتمر وارسو وقوة تطبيقها على الأرض..ومدى التزام إيران بهذه المقررات؟

فإذا كان صانع القرار السياسي في البيت الأبيض جاد في إنهاء هذا العبث الإيراني في دولنا العربية، فبدون أدنى شك ستنتهي حالة الصراع الدائم والأزمات المتكررة الناتجة عن عدة عوامل خطيرة صنعتها المخابرات الإيرانية، كان من أبرزها الطائفية المقيتة التي أدت إلى حروب أهلية في عدد من الدول العربية.

ثانيا.. هل الأمريكان يسعون فعلا إلى إزاحة النظام الايراني وتحمل تكلفة الحرب ونتائجها،أم أنهم يحرصون فقط على أمن إسرائيل؟

المعروف دوليا أن الأمريكان يكذبون في كل شيء، وعالميا تمثل الديمقراطية الأمريكية عنوان للفساد والإرهاب وجرائم الإبادة! وبالرغم من قوة وعظمة الولايات المتحدة الأمريكية كما ذكرنا..لكن هذا ليس شرطا، فكم من قوي لايمتلك الشجاعة والإقدام، وكم من غني لايحسن إدارة المال. فإذا كانت امريكا تحرص فقط على أمن إسرائيل، فإن إيران ستعطيهم ذلك مقابل السماح لها لتكملة عربدتها في المنطقة. لأن النظام الإيراني جبان وحنجوري لااكثر..ولايستطيع هذا النظام الحاقد على العروبة والإسلام أن يعيش بدون أزمات. فهذا النظام ليس أكثر من عفونة خلفتها فتن التاريخ.

ثالثا..روسيا والنظام السياسي الجديد؟

منذ احتلال العراق في عام 2003 وتدميره من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وماتلاه هذا الاحتلال من تداعيات لازال العالم يشهد لها، خلال هذه الفترة، كانت روسيا تعيد توازنها لتستعيد مكانتها كقوة عالمية عظمى، عموما هذا طموح متاح أمام تخبط السياسة الأمريكية، إذا تجاوز الروس حدود أطماع الهيمنة الاستعمارية. قطعا أن فلاديمير بوتين ليس القيصر الذي تمنحه الكنيسة الروسية حقا إلهيا، وهو لايستحق التاج المرصع بطلاسم الثورة البلشيفية المعبرة عن دكتاتورية البروليتاريا في العقيدة اللينينية الماركسية. 

إن مسار العلاقات الدولية اليوم تغير عن لعبة السياسة الدولية والصفقات السرية التي كان يعقدها قادة الاتحاد السوفيتي سابقا مع الغرب على حساب الشعوب التي تقبلت الشيوعية من أجل التحرر وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. فبينما كانت الشيوعية تقض مضاجع السياسة الإمبريالية في أمريكا الجنوبية ودول الشرق الأوسط..كان زعماء الكرملين في روسيا يقايضون أو يبيعون تلك الشعوب ولايدركون أن مصدر قوتهم العظمى يكمن في العقيدة الأممية وليس بترسانة أسلحة التدمير الشامل. 

في النهاية يمكن للروس أن يفرضوا قوتهم لتحقيق منظومة تماسك دولية تلبي طموح الشعوب وتحقق الاستقرار في الشرق الأوسط .

0 التعليقات: