أخر الأخبار

.

هل يتكرر سيناريو 10 حزيران 2014 بنسخة داعشية جديدة ؟


هل يتكرر سيناريو 10 حزيران 2014 بنسخة داعشية جديدة ؟


عراق العروبة
هارون محمد



كثر الحديث في العراق خلال الفترة الاخيرة، عن النسخة الجديدة لتنظيم الدولة (داعش)، وتصاعدت التحذيرات من خطورة التنظيم وحجم جاهزيته لشن هجماته الضاربة، في اعقاب خطف عدد من الرعاة وجامعي الكمأ في صحراء قضاء النخيب، أُتُهم الدواعش بنصب كمائن لهم وأسرهم، رغم ان هذا القضاء التابع لمحافظة الانبار محتل من قبل الحشد الشيعي منذ خمس سنوات، وتنتشر مفارزه المسلحة في أطرافه حتى منفذ طريبيل الحدودي مع الاردن .

وقد لوحظ ان ثمة تناقضات في تصريحات المسؤولين الامريكيين والعراقيين، عن اعداد المقاتلين الدواعش، سواء الموجودين في العراق من الخلايا النائمة والجوّالة، او المتوقع قدومهم من سوريا، حيث يكتفي الجانب الامريكي بنشر بيانات مقتضبة عن هجمات طيرانه على قوات داعش، بينما يُغالي قادة مليشيات الحشد في بلاغاتهم ويضخمّون المسألة وكأن عناصر داعش أصبحوا على ابواب المدن، حتى وصلت بهم المبالغة الى ترهيب سكان محافظة الانبار المعارضين لوجود المليشيات الشيعية في مناطقهم، بان ثلاثة الاف داعشي يتمترسون الآن في وادي حوران الذي يخترق البادية الغربية من جنوب العراق، صعوداً الى الرطبة والقائم على الحدود الاردنية والسورية، وهذا يعني اذا صح الخبر ان تنظيم الدولة استعاد حيويته بسرعة قياسية وزادت قوته بطريقة فجائية، الى درجة انه صار يهدد غربي العراق بالكامل، من آعالي الفرات حتى الحدود العراقية السعودية، وهو أمر لا يستقيم مع الاحداث الميدانية والوقائع على الارض، اللتين تؤكدان ان الضربات التي تلقاها التنظيم مؤخراً في شمال وشرق سوريا كانت موجعة وأضعفت نزعته الهجومية، وحولته الى الدفاع عما تبقى من الاراضي التي ما زالت تحت سيطرته.! 

ولعل ما يلفت النظر في التصريحات المليشياوية عن الجيل الثالث من الجهادية السلفية كما تسمى النسخة الجديدة لداعش، انها أعطت حجماً اكبر وخطورة اكثر للتنظيم، رغم ان التقارير الاستخبارية والاعلامية الدولية، تؤكد ان الطيران الامريكي لم يتوقف يوماً واحداً، منذ اعلان الرئيس ترامب الانسحاب العسكري من سوريا، عن ضرب معسكرات التنظيم في شمال وشرق سوريا وملاحقة مقاتليه ومداهمة أوكاره، وتأسيساً على ذلك فان كثيراً من الحقائق عن التنظيم صارت معروفة، فهو يعاني من مشاكل عسكرية على جميع الجبهات، وطيران التحالف الدولي، لا يترك لقادته وكوادره فرصة لالتقاط انفاسهم، بفعل الغارات والمطاردات عليهم، وواضح ايضاً انه يعيش ازمة مالية وصعوبات في الحفاظ على موارده، وهذه الحقائق تتعارض تماما مع طروحات قادة المليشيات وفصائل الحشد التي تعظّم قوته وتحذر من مقدمه وتهوّل من نسخته المتوقعة.

ان اصرار المليشيات الشيعية في احكام سيطرتها على المدن والمحافظات السنية واختلاق الذرائع لتبرير احتلالها، كل ذلك يعطي دلالات بان الحشد مصمم على البقاء فيها ولا يريد الانسحاب منها، في حين ان مواطني تلك المحافظات ضاقوا ذرعاً من سطوة المليشيات وانتهاكاتها اليومية وسط تخاذل المحافظين واعضاء مجالس المحافظات ورؤساء الوحدات الادارية وأغلبهم اما فاسد او مرتش او متواطيء، كما حصل في قضاء سامراء نهاية الشهر الماضي، عندما انتهك السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي السيادة العراقية وأقدم على سابقة خطيرة في العلاقات الدولية والدبلوماسية، ورأس اجتماعاً لمحافظ واعضاء مجلس محافظة صلاح الدين وقادة الاجهزة الامنية ورؤساء الدوائر الرسمية فيها، لمناقشة اجراءات انشاء محافظة شيعية جديدة تفصل بين العاصمة بغداد ومحافظة صلاح الدين، يكون مركزها سامراء التي يسكنها نصف مليون سني عربي، لمجرد وجود جيب شيعي في مدينة بلد لا يتجاوز تعداد سكانها اربعين ألف نسمة حسب احصاءات البطاقة التموينية. 

وعموما فان حملات التخويف من عودة داعش بنسخته الجديدة، التي تقوم بها قيادات الحشد، في تضخيم قوة التنظيم، انكشفت اغراضها السياسية والطائفية والانتفاعية، التي تتمثل في إبقاء المليشيات الشيعية في المحافظات السنية، ومنع النازحين من العودة الى مدنهم وبيوتهم وحظر عمليات البناء والاعمار فيها والاستحواذ على تخصيصاتها المالية وتبرعات الدول والمنظمات الانسانية لتعميرها، والاستيلاء على مواردها النفطية، كما يحصل في الموصل والقيارة وبيجي والشرقاط والبو عجيل، اضافة الى توسيع عمليات التبشير الشيعي والسطو على الجوامع والمساجد وتحويلها الى حسينيات، وقد وصل استهتار قادة المليشيات في الموصل، الى منع سكان وآهالي الجانب الايمن منها، المدمر كله، من اعادة بناء دورهم وتأهيل منازلهم على حسابهم الشخصي، بعد تراجع الجهات الحكومية عن وعودها في اعمار المدينة التي تزايدت انتهاكات المليشيات فيها وفرض الاتاوات على مواطنيها وسرقة مواردها الى درجة مرعبة، كما حصل في مزادات بيع (السكراب) وايراداتها ملايين الدولارات. 

ان تنظيم الدولة يحتاج الى سنوات وسنوات لتأهيل قواته من جديد واعادة تعبئتها لمهمات قتالية، بعد الانتكاسات المتلاحقة والهزائم المتعاقبة التي مني بها خلال العامين المنصرمين، الا اذا حصل (تخادم سياسي) بينه وبين ايران ومليشياتها وعملائها في العراق، لالحاق مزيد من الاضرار والبطش بالسنة العرب، وتعقيد الاوضاع في مناطقهم، وخلط الاوراق على التواجد الامريكي الذي يتخذ مقرات عسكرية وقواعد جوية في محافظاتهم، والمخاوف باتت تتزايد من تكرار سيناريو أحداث العاشر من حزيران (يونيو) 2014، عندما انطلق خمسمائة داعشي من سوريا وقطعوا مئات الاميال بسيارات الـ(بيكاب) المكشوفة تحت بصر ومراقبة الاجهزة الحكومية، ووصلوا الى الموصل واحتلوها في ثلاث ساعات، بعد انسحاب جنرالات نوري المالكي من المدينة بأمر منه، في أخطر مؤامرة طائفية، أسفرت عن تدمير أكبر ثلاث محافظات سنية (الموصل وصلاح الدين والانبار) التي ما زالت تئن من الاهمال الحكومي المنظم، واحتلال الحشد الشيعي لها واستحواذه على حقولها النفطية، والآتي من الايام لا يُبشر ببصيص أمل للملايين من السنة العرب النازحين والمهمشين والمضطهدين .

0 التعليقات: