أخر الأخبار

.

العراق وغبن الجغرافية


العراق وغبن الجغرافية 


عراق العروبة
احمد صبري



لم تكن قوانين الجغرافيا والتاريخ معزولة عن الصراع السياسي الذي شهده العراق والمنطقة والإقليم عموما الذي وضع دوله أمام استحقاقات تقاسم النفوذ والأدوار والمصالح على الرغم من غبنها وابتعادها عن مصالح وتطلعات الدول المشمولة بالنفوذ، إلا أنها في الوقت نفسه كرست هذا الواقع المليء بالألغام وتقاطع المصالح إلى حد استخدام القوة لتصحيح مساره بعد أن تقاطعت المصالح والتمدد على الأرض.

والموقع الاستراتيجي للعراق وضعه من حيث عمقه بالتاريخ ودوره كلاعب مهم ومؤثر في مسار الأحداث بالإقليم الذي يحيط به من جهاته الست في قلب دائرة الصراع في المنطقة، ودفع من أجل ذلك الكثير ليتجنب ارتدادات هذا الصراع وتأثيراته على كيانه ووحدته.

وما أضاف إلى هذا الدور والموقع الذي يتمتع به العراق أهمية وتأثيرا، ثروته وحضارته وعقوله النيرة. إلا أن العراق ظل يعاني من انكفائه على اليابسة من دون إطلالة على البحر مثل دول الجوار المنفتحة على البحار والخلجان.

وخسر العراق جراء هذا الانكفاء نافذة الانفتاح على العالم، وأصبح ذلك هاجس ساسته منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وما تلاها، وأصبحت دول الجوار العراقي وهي: إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت كمصدات الرياح تحول دون إطلالته على البحار إلا من خلالها حسب قوانين الجغرافيا والتاريخ، جراء غبن الجغرافيا دفع العراق الكثير من دون تصحيح هذه المعادلة رغم أنه يطل على الخليج العربي بأفق محدود. غير أن هذا الأفق ظل على مدى التاريخ مثار خلاف مع جيرانه، وبسبب الخلاف على المصالح وتصحيح معادلة الصراع، خاض العراق حربا مع إيران دامت ثماني سنوات، وكلفت البلدين خسائر جسيمة بالأرواح والأموال من دون تصحيح لهذه المعادلة رغم تبدل الأنظمة والحكام.

ويضاف إلى هذه التحديات التي تواجه العراق تحديات الأمن والانقسام السياسي والطائفي بين المكونات العراقية والفساد والنازحين وإعمار المدن المدمرة ومخلفات داعش التي وضعته على طريق المجهول بعد أن أخفقت الطبقة السياسية التي ورثت مرحلة ما بعد الاحتلال في التصدي لهذه التحديات، وتلبية حاجات العراقيين بوطن آمن وموحد، تسوده العدالة والعيش المشترك. غير ان هذه الطبقة استدارت إلى انتهاج طريق الإقصاء، وكرست خطاب الكراهية بين المكونات العراقية، الأمر الذي فتح الأبواب مشرعة أمام دعوات التقسيم واللجوء إلى خيارات قد تضع العراق على حافة المجهول.

غبن الجغرافيا التي يئن تحت وطأتها العراق والتحديات الأخرى فإن قدره هو في وحدته وعمق ارتباطه بمحيطه العربي وأمنه القومي؛ لأن هذا الخيار رغم دعوات تغييبه والقفز عليه من قبل بعض الأطراف إلا أنه يبقى الخيار الذي يقربه من نافذة إطلاله على البحار والخلجان عندما يتوحد مع أقطار أمته، ويصبح جزءا من الأمن القومي لأمته.

0 التعليقات: