أخر الأخبار

.

أصداف: أوهام عراقية


أصداف: أوهام عراقية

عراق العروبة
وليد الزبيدي



لم يكن الأميركيون وحدهم الذين غرقوا بالأوهام قبيل غزو العراق وأثناءه وخلال الاحتلال، فقد توهم العراقيون أيضا، وتوهموا كثيرا بدون شك، لكن المعضلة التي تواجه العراقيين في تلك الأوهام، أنهم دخلوا تلك الدهاليز بقراءات فردية أو جماعية ذات صبغة فردية، كما أنهم لم يمتلكوا مراكز أبحاث ودراسات متخصصة استقصت كل شاردة وواردة كما حصل بالنسبة للجانب الأميركي.

إن واحدا من أكبر الأوهام التي عاشها العراقيون، تصورهم أن أخطر مشكلة ستواجه الجيش الأميركي تتمثل في قضية الطقس الحار بل اللاهب في فصل الصيف، وأن هذا الفصل القاسي ليس قصيرا وعابرا، بل إنه أطول فصل في العراق، وراهن الكثير من العراقيين على هذه المسألة، وتحدث الكثيرون في مجالسهم وهم يشاهدون الجنود الأميركيين يعتلون دباباتهم ويتحركون في المدن والأحياء ببغداد والمدن العراقية الأخرى، وقال بعض العارفين في التاريخ، إن جنرال ثلج الذي هزم جيوش نابليون التي غزت روسيا في مطلع القرن التاسع عشر وتسببت بموت أعداد كبيرة منه ثم أفضى ذلك إلى هزيمة منكرة لذلك الجيش الجرار، ومثل ذلك حصل مع جيش هتلر الذي أرسله الفوهرر في الحرب العالمية الثانية لغزو موسكو، إلا أن جنرال ثلج كان لهم بالمرصاد ونصب لهم أفخاخ الموت في لوحة سوداء لا مثيل لها، وقال كثير من العراقيين وليس قلة منهم إن جنرال الحرّ اللاهب سيكون للقوات الأميركية بالمرصاد، وتحدث العراقيون عن التجهيزات التي يحملها الجندي الأميركي على جسده ـ كما يشاهدون ذلك في كل يوم ـ وكيف سيواجه هؤلاء ساعات الحرّ القائظة في يوم عراقي لاهب طويل، بل حتى ساعات الليل تكون قاسية في الكثير من أيام الصيف.

كما هو معروف بدأت الحرب الأميركية على العراق مع بداية فصل الربيع، ويدخل الربيع العراق في أعياد نوروز التي تكون في الحادي والعشرين من شهر آذار – مارس من كل شهر، لكن ما أن ينتهي أول شهر بعد ذلك التاريخ حتى تبدأ موجات الحرّ بالتصاعد وبسرعة هائلة، وعندما بدأت حقبة الاحتلال في العاشر من شهر نيسان – أبريل 2003، كان الكثير من العراقيين يكتمون ضحكة صماء وهم يشاهدون الجنود الأميركيين يتنعمون بأجواء ربيعية منعشة، ويصرحون في أحاديثهم وجلساتهم، انتظروا الأسابيع القادمة بكل ما تحمل من أهوال الحرّ اللاهب. واعتقد العراقيون أن الجنود الأميركيين قادمون من حياة يملؤها الرخاء والترف، ومن بلاد ليس فيها حرارة لاهبة كما هو حال العراق، والخلاصة أن هؤلاء الجنود لن يصمدوا طويلا في أشهر الصيف.

لكن تبين أن ذلك مجرد ” هم” عاشه العراقيون بامتياز، فقد زحف الصيف ورياحه اللاهبة، ولم يتأثر الأميركيون، فقد واصلوا تحركاتهم في كل مكان بما في ذلك الصحارى في غرب العراق، دون أن يؤثر عليهم طقس العراق الحار، ما أثار دهشة العراقيين واستغرابهم الشديد.

لكن في تلك الأيام خرج لهم جنرال آخر أذاقهم الويلات.

0 التعليقات: