أخر الأخبار

.

لكي لا تختلط الأوراق بشأن ضم الحشد للجيش


لكي لا تختلط الأوراق بشأن ضم الحشد للجيش


عراق العروبة
د. قحطان الخفاجي 



بدءاً لا تغيير إطلاقاً في ثوابتتا بشأن الحشد ، لا بل تعززت لعلميتها التي أُسندت بتطبيقات عملية لتجربة الحشد عبر سنوات عجاف اختلط - وللأسف - بها الحق بالباطل، والوطنية بالتبعية. وكمم التضليل والوعيد أفواه صادقة.

وأؤكد هنا أيضا مابدأتُ به عبر تسليط الضوء على ثلاثية متغيرات حددتها حين أعلنت تصوري الأول والاساس حيال الحشد ، . وهي كالتالي :-

١ - الفتوى لذاتها : هي فتوى دينية إجتهدها صاحبها وحدد ضرورتها وظروفها وغايتها . وشفع فتواه بآلية تطبيقها، وهي عن طريق الدولة . والفتوى لذاتها وصاحب الفتوى متخصص عالي المقام، وبعيدٌ عن إختصاصي العلمي فلست مؤهلاً لمناقشتها. 

٢ - المتطوع : وهو الشخص الذي تطوع لذاته، وجاء بدمه على كفه، مندفعاً للواجب، بغض النظر غاياته . فلابد أن يكون محل تقدير، ويشكر على ذلك ويثاب. 

٣ - الجهة المنفذة للفتوى : وهي الجهة التي تلاقفت الفتوى، وراحت تجتهد بتنفيذها، بعيدا عن الغاية الحقيقية. وهي محل الخلل الأساسي والوحيد والمهلك معاً، إذ تم تنفيذ ٩٩٪ من الفتوى بآلية مخالفة للآلية المحددة في الفتوى . لا بل تم مصادرتها تماما، على المستويين الفقهي والوطني. فقد تم تنفيذ الفتوى واستثمار اندفاع المتطوعين ، إلى حيث خنادق طائفية مشخصنة متقاطعة، وذات أجندات إقليمية ونفعية أنانية. 

أما قولنا بأن دمج الحشد ضمن الجيش ضرورة وطنية. لم يأتي مجاملة لأحد ولا خوف، رغم ان الخوف في عراق اليوم له مايبرره . قلنا ضرورة لانه ضرورة حقاً لمن ينطلق من نقطة أعمق من الوصف الظاهري ، وأبعد للتفكير بالحشد ذاته. وقد فهمها البعض من المتابعين دامهم الله تعالى . فالعراق أكبر من الحشد ، حتى وان تماشينا مع إفترض الحشد تابع للقائد العام للقوات المسلحة كما هو شائع.
والضرورة هنا ليس لمؤوسسة معينة بل لوطن تحاك ضدة المؤتمرات التي باتت علنية النوايا، وخطواتها واضحة الدلالات. والضرورة هنا، متأتية من أن حالة التوظيف الخاطئة التي حذرنا منها منذ ٢٠١٤ ، والتي مَكّنت جماعات وأشخاص تمكيناً لاسابق له حتى أضحوا متنفذين أكثر من الحكومة، ومتحكمة بالدولة دون ضابط. 

والضرورة الوطنية هنا، أيضا هي لتجنب تدمير العراق من قبل أمريكا، بحجة محاربة أطراف إيران مؤلفة من عراقيين مطلوبين، أو أشخاص مرتبطين بإيران، خصوصاً إذا أبقيَّ على الولاء لولاية الفقيه التي لم يخفيها العديد من فصائل الحشد وقادتهم .
ورغم هذه الضرورة التي نراها، ورغم دعوتنا لضم الحشد للجيش وأحتوائه، لكننا لا نسقط أبداً الشروط الأساسية التي تبقي على مهنية الجيش وطنيته، وتحافظ على وحدة عقيدته. ولذلك حذرنا من التطبيق الشكلي لعملية الضم . لأنه لن سيدمر الجيش اولاً، ويُميّع عنصري الضبط والربط الذي تستقيم به الروابط والالتزامات داخل الجيش، فتحوله إلى "لمة" مسلحين لا ناظم لهم ولا مُلزم. . وإذا ما لم يؤخذ بهذه الوصايا، رغاننا سنخسر خسارتين.

الخسارة الاولى : هي خسارتنا "لجيشنا" - مع إحتفاطنا بتحفظنا على الكيفية الخاطئة لتكوينه - فخسارتنا ستتأتى من حقيقة، إن أي جيش بالعالم حتى يستقيم في البناء والعقيدة وينجز عملياته الميدانية بحرفية وباتقان ، يتطلب الحفاظ على ولاءٍ واحدٍ، هو الولاء للوطن. وان يعتنق عقيدة واحدة. وان يكون مهني البناء، وضمن وهرمية واحدة. وهذه الشروط لن تتحقق يقيناً، إذا ما أُبقي على الطبيعة القائمة للولاءآت للمتباينة لفصائل الحشد. وإذا ما أبقي على الهرميات المختلفة لقياداته. وهذا سيزيد من إختلالات الجيش العراقي وهو المختل أصلا بسبب طبيعة التكوين غير المهنية، والمحاصصة التي التي تحكمه وظاهرة الدمج المميته . وهذا هو المنزلق الأخطر، إذ سيقود جيشنا إلى منزلق مركب، شكله الأول، هو أن يكون الجيش العراق هدفاً للإدارة الأمريكية. وشكله الثاني، تدمير الجيش العراقي، وإنهاء آخر أمل بعودة المهنية اليه والوطنية الحقة . 
  
والخسارة الثانية :- ستتأتى من حقيقة أن الابقاء على ولاءآت غير التي ذكرناها أعلاه ، وخصوصات ولاءآت قادة الحشد. وامتيازاتهم، وإستمرار تناحراتهم، سيشكل ثغرة، تستفيد منها أمريكا حتماً. فستشمل الجيش العراقي بعقوبات أو ملاحقات قضائية. وهنا نقع في منزلق مركب، أوله؛ هو أن يكون الجيش العراق هدفاً للإدارة الأمريكية. وثانيه؛ تدمير الجيش العراقي. 
ولأن الغاية الأساسية والتي انطلقنا عليه ضرورة وطنية، والتي نراها تتجسد في، تطبيق عقلاني إيماني للفتوى وعدم مصادرتها من آخرين، ولأجل إحترام الاندفاع الوطني والايمان لمن تطوع من أجل الله فعلا ومن اجل الوطن لرد عدوان داعش. نقترح التالي : 

١ - دمج الحشد على أساس الكفاءة الشخصية، وبعيداً عن قادتهم بإعتبار التطوع اساساً، كان من أجل الوطن. فالقائمون على الوطن بغض النظر عن رأينا فيهم، هم المعنيون رسميا بذلك. 

٢ - فصل العلاقة تماماً بين المسميات السابقة أي كانت، وبين الأفراد الذي سيتم إحتوائهم كمقاتلين بالجيش. وأعتبار أي نوع من الصلة بالولاء السابق أو الارتباط به. جريمة يحاسب عليها القانون. 

٣ - أبعاد قادة الحشد عن أي مسؤوليات قيادية ضمن الجيش وحتى لو انخرطوا هم فيه أيضا. الابقاء عليهم ضمن تنظيماتهم على أن يلتزموا بضوابط قانون الأحزاب العراقي. ولأن الحكومة أعجز من أي فعل يرتقي لهذا الاحتمال، فعندها تحل الكارثة التي نخشاها.
وقبل أن أختم أقول، هناك حقائق ثلاث تحكمنا، لا يمكن القفز من فوقها، وهي :-

١ - أن الحشد بالكيفية التي قام عليها، والآلية التي عمل بها، وتداعيات سلوكيات جماعات محسوبة عليه بل متنفذة فيه، قد إستثمر فتوى دينة، وعُملَ على توظفها بصيغة صادرت بظلها الفتوى، وذهبت بها بعيدا عن مفتيها وغاياته. وبالتالي الاستمرار بصيغة الحشد القائمة، هو طريق لدركٍ أسفل للعراق. 

٢ - إن الفتوى الدينية للجهاد الكفائي، صدرت بظل ظروف قاسية، ولغاية محددة، وهي الدفاع عن الوطن والمقدسات، والآن تمت المهمة والحمد لله. فالظرةف الآن تفرض وجبوب الافتاء بانتهائها.

٣ - إن تثمين كرم الشهداء، وعطاء الجرحى، وبطولات الملتزمين من المتطوعين، هو أن كان على الله الكريم المعطي، بإعتبار العمل تطوع للجهاد في سبيل الله. ولكن ذلك لا يسقط الواجب الطبيعي للدوله، حيالهم وفق الأصول والضوابط .

واخيراً، فوحدة الجيش، وإنهاء مظاهر التسلح خارج المؤوسسات المعروفة، هو تدمير للعراق، لذلك إنهاء وحود الحشد بصيغته القائمة، بعد زوال أسبابه وجوده، هو ضرورة وطنية، دون أن نسيء أبداً لضرورة بناء جيش عراقي مهني وطني .

0 التعليقات: