أخر الأخبار

.

أصداف : أفول المقال


أصداف : أفول المقال


عراق العروبة
وليد الزبيــدي




إن الإجابة عن سؤال يتردد كثيرا في الآونة الأخيرة عن “أفول فن المقال”، قد يثير الكثير من النقاشات، نظرا لأهمية المقال في نشر الوعي بين الناس، وفي حال تراجع حضوره كثيرا على طريق أفوله، فإن ذلك يعني وبكل بساطة فسح المجال أكثر وأكثر أمام الكثير من الغث، الذي يقرأه الناس في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي على حساب الرأي والمعلومة والقضايا التي تعمل على تحريك العقل بطرق جادة وذكية، بعيدا عن التسطيح الذي غالبا ما يفضي إلى التصحر المعرفي.

يتفق الكثير من الباحثين أن تاريخ فن المقال يمتد إلى أكثر من ستة قرون، وبدأت رحلة هذا الفن بعد اختراع المطابع، ما سهل من عملية النشر الذي شجّع بدوره المفكرين والمثقفين والأدباء على خوض الكتابة بهدف التثقيف والتنوير.

بما أن ازدهار المقال ارتبط بازدهار الصحافة الورقية وانتشارها في جميع دول العالم، فبدون شك أن تراجعه يرتبط أيضا بتراجع هذا النوع من الصحافة الذي هيمن على الشارع خلال ما يقرب من قرن ونصف القرن، ومن يدقق حاليا بمشهد الصحافة الورقية يجد وبكل سهولة أنها تتراجع في مجالها الورقي وتتقلص إصداراتها، في حين اختفت من الساحة الكثير من الصحف الكبيرة والمؤسسات الصغيرة، ويتوقع الخبراء وصول هذا الزحف إلى غالبية المؤسسات التي ما زالت تحاول التثاؤب في الصدور بالطبعة الورقية، ويؤثر ذلك سلبا وبقوة على عالم المقال الذي تراجع حضوره خلال العقد الأخير بنسبة كبيرة جدا.

ماذا يعني هذا الواقع الجديد في عالم الصحافة؟

صحيح أن غالبية الصحف التي أغلقت الطبعة الورقية قد انتقلت إلى المواقع الإلكترونية، لكن ذلك لا يتيح للقائمين عليها الحصول على واردات جيدة يمكن استثمار جزء منها في جذب كتّاب المقال المتميزين في هذا المجال، إذ أصبحت المبيعات من النسخة الورقية صفرا، كما أن آليات نشر الإعلانات قد اختلفت كثيرا، ما أثر سلبا على واردات الإعلانات، وهذا يعني التخلي عن كتّاب المقالات في النسخ الإلكترونية.

ليس لدي إحصائيات عن عدد الكتاب الذين توقفوا عن الكتابة في دول العالم، لكن الواقع المشاهد يشير إلى أن الأعداد كبيرة جدا، وأن العديد من خيرة الكتّاب يعتزلون هذا العالم باستمرار.

لا بد من القول إن المقال ليس ترفا بل حاجة ماسة للشعوب، فقد ساهم كتّاب الرأي في إعادة صياغة شخصيات وتوجهات الكثير من الناس في مختلف المجتمعات، قد تكون قلّة من هؤلاء ساهموا في خدمة حكام وأنظمة، لكن السواد الأعظم منهم أدوا دورا مهما وكبيرا في عمليات التنوير والتثقيف التي أفضت إلى انتقالات هائلة في حياة المجتمعات.

فهل نحتاج إلى دراسات علمية تكشف دور المقال الإيجابي في حياة البشرية، ومن ثم الأخطار التي تهدد المجتمعات في حال اختفى المقال أو تراجع كثيرا في الواقع المعاش؟

0 التعليقات: