أخر الأخبار

.

الحشد الشعبي في المحافظات السنية.. نهب وقهر ولصوصية



الحشد الشعبي في المحافظات السنية.. نهب وقهر ولصوصية!


عراق العروبة
هارون محمد




يبدو أن المرجع الشيعي علي السيستاني، اكتشف متأخراً، ان الذين استغلوا فتواه الملتبسة في إطار الجهاد الكفائي، التي أطلقها الناطق باسمه عبدالمهدي كربلائي، في الثالث عشر من حزيران 2014، لم يكتفوا باحتلال محافظات الموصل وديالى وصلاح الدين والانبار وكركوك وشمال بابل، وقهر سكانها، وإنما جمعوا بين اللصوصية والجاسوسية، في مشهد علني، بعد أن أصبحت العمالة لإيران، بطولة وفروسية، وصار اضطهاد أهل السنة، تطبيقات عقائدية.


وبرغم أن أعيان تلك المحافظات ووجهاءها ونخبها وعلماءها ومثقفيها، كتبوا آلاف الرسائل والخطابات، وتقدموا بكم هائل من المعلومات، التي توثق جرائم فصائل الحشد وانتهاكاتها، على امتداد خمس سنوات متصلة، إلى المرجعية الشيعية، كشفوا لها فيها عن تلك الجرائم والانتهاكات، بالأسماء والوقائع والأرقام والتواريخ، لاتخاذ موقف منصف، يحد من سطوة المليشيات وما ترتكبه، من تنكيل وتقتيل بالأبرياء، والسكان المدنيين، إلا أن الأخيرة، التزمت الصمت، ولم تتحرك، وتُدين تلك الممارسات الوحشية، حتى خيل للكثير من العراقيين، أن صمتها، يعبر عن أمرين لا ثالث لهما، أما أنها خائفة من بطش المليشيات، وتخشى من الاحتكاك بها، وأما أنها موافقة على ما تقوم به من أعمال دنيئة، وتصرفات حقيرة، خصوصاً، وان وفوداً تمثل تلك المحافظات، سعت إلى لقاء السيستاني، لوضعه في صورة ما يجري، واطلاعه على ما يحدث، الا ان ممثليه، وفي مقدمتهم عبدالمهدي كربلائي وأحمد الصافي، كانوا يصدون تلك المساعي، ويرفضون تلك المحاولات، بحجة ان المرجع تعب تارة، أو مريض، تارة أخرى.


وعندما تعاظم دور الفصائل، التي يطلق عليها تسمية (الولائية)، وهو وصف مُخفّف، يُغلّف عمالتها للولي الفقيه على خامنئي، ويتستر على جاسوسيتها، للحرس الثوري وفيلق قدس، وعمدت إلى اختيار مقاتل إيراني موتور، ومجرم محترف مأجور، يدعى عبدالعزيز المحمداوي (أبو فدك) بدلاً من العجمي ابن العجمي، ابو مهدي المهندس، وأول ما فعله، وهو يتسلم منصبه رئيساً لأركان الحشد، انه طالب الفصائل التابعة إلى عتبات السيستاني، ان تغادر مرجعيتها الراهنة، وتلتحق بمرجعية قم وطهران، والا فانه سيوقف رواتب عناصرها، ويُلغي تخصيصاتها، اضطرت مرجعية النجف، ان تتحرك، على استحياء، وقد بذل وكلاء السيستاني، جهوداً مضنية، ولجأوا إلى وساطة قادة كتل وأحزاب شيعية، منهم، عادل عبدالمهدي، وعمار الحكيم، وفالح الفياض، لاقناع (الخال) وهو لقب مستعار آخر، يتسمى به المحمداوي، وتوسلوا بتأجيل قراراته، باستبعاد فصائل المرجعية، إلى وقت مناسب، تتمكن فيه الأخيرة، من إيجاد حلول مناسبة، تحفظ منزلة السيستاني، وتصون مكانته الدينية، الا ان (أبو فدك)، المستقوي بإيران، رفض تلك الجهود، وتصدى لتلك الوساطات، وتعنت في رأيه، وأصر على موقفه، وأزاء ذلك لجأ مكتب المرجع، إلى مخاطبة رئيس الوزراء المستقيل، لإيجاد مخرج للمأزق، الذي أوقع المرجعية والفصائل التابعة لها، ولم يكن أمام عبدالمهدي، الضعيف والخوّاف، غير اتخاذ قرار متخبط، يخالف قانون الحشد نفسه، ربط بموجبه، فصائل السيستاني به، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وبذلك يكون قد صنف قوات الحشد حكومياً، إلى (عراقية) صورياً، وأخرى إيرانية رسمياً.


وبرغم ان نصائح قدمت إلى مكتب السيستاني، وتحديداً، الى نجله محمد رضا، ووكيله الكربلائي والصافي، بضرورة ان يُصدر المرجع الأعلى، توجيهاً دينياً، يعلن فيه، انتهاء مفعول فتواه الجهادية الكفائية، لانتفاء الحاجة اليها، بعد تحرير المناطق والمحافظات، التي كان يحتلها مسلحو داعش، الا ان المرجعية، امتنعت عن إصدار هذا التوجيه، لاعتبارات طائفية، وخشية من ردود فعل الفصائل الولائية، التي يقال إنها أنذرت الكربلائي، صراحة، وفقاُ لمعلومات نواب شيعة يقلدون السيستاني، وهددت بتخريب منشآت العتبات الدينية ومرافقها ومصانعها، المنتشرة في النجف وكربلاء وعديد من المحافظات، وهي تدر أموالاً خرافية، وتجني أرباحاً خيالية، يحرص وكلاء المرجعية، على تنمية مواردها، وتوسيع أنشطتها.


لقد وصل استهتار مليشيات الحشد، في المحافظات السنية العربية، إلى درجة، افتتاح مكاتب اقتصادية فيها، وتعيين مسؤولين في ادارتها، كما في حالة محافظة ديالى، التي يشكل السنة العرب، أكثر من ثلاثة أرباع سكانها، حيث تحتل المليشيات الإيرانية، أبرز مفاصلها، ابتداء من المحافظ مثنى التميمي، القيادي في مليشيا بدر المجرمة، إلى قادة الأجهزة العسكرية والشرطوية والأمنية، ورؤساء الدوائر الحكومية والوحدات الإدارية والمنافذ الحكومية، والأخيرة ما زالت مفتوحة مع إيران، في المنذرية ومندلي، برغم صدور تعليمات صحية بإغلاقها.


وفي محافظة الأنبار، تنتشر فصائل الحشد الولائية، على طول حدود المحافظة مع سوريا والاردن والسعودية، وتبني الثكنات وتقيم المعسكرات، وتستولى على ممتلكات المواطنين ومزارعهم ومواشيهم، كما هو حاصل علناً في النخيب والقائم والطرق البرية مع دول الجوار، في حين ما زال الآلاف من ابناء المحافظة، مخطوفين ومصيرهم مجهول، أما مناطق شمال بابل، التي تحتلها، بالكامل، المليشيات الإيرانية، التي وصل صلفها، إلى حد إنشاء كلية عسكرية في (جرف الصخر) بإشراف ضباط من فيلق قدس، وحزب حسن نصر الله اللبناني، وفي منتصف الشهر الماضي، تخرجت وجبة منها، سميت (أحباب الشهيد قاسم سليماني).


أما في الموصل، فان مأساة سكانها، من تسلط فصائل الحشد، ومليشيات الأقليات الكلدانية والشبكية واليزيدية، وجميع عناصرها من قطاع الطرق واللصوص، وأصحاب السوابق، لا تقتصر على نهب موارد المحافظة، والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، وإنما امتدت إلى منع نازحيها من العودة إلى ديارهم، وحظر إعادة بيوتهم اليهم، الا لقاء (جزية) تصل إلى ملايين الدنانير، في الوقت الذي تنتشر عشرات المكاتب الاقتصادية، التي تتدخل في العقود والمناقصات، ومثلها مفارز مسلحة لما يسمى بـ(التدقيق الأمني) مهمتها الابتراز وفرض الإتاوات والخاوات.


وفي محافظة صلاح الدين، لم تكتف مليشيات الغدر والنهب، بالاستيلاء على الحقول النفطية فيها، وتفكيك مصفى بيجي، وتهريب معداته وأجهزته إلى إيران وإقليم كردستان، وإنما استحوذت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والبساتين، وكل من يطالب بحقه، فالتهمة (الداعشية) جاهزة، وما زال الآلاف من شباب تكريت والشرقاط وبيجي وسامراء والدور، مغيب بين مقتول ومعدوم.

ان السنة العرب، مطالبون، في هذه المرحلة، التي تشهد صراعات بين الأطراف والمليشيات الشيعية، وتنازعها على النفوذ والمغانم والامتيازات، بتوحيد كلمتهم، وتعبئة جهودهم، لطرد حشد المحتلين من مناطقهم، ومن حقهم، استخدام جميع الوسائل، السلمية وغيرها، لإنقاذ محافظاتهم، من الموت البطيء، الذي ينتظرها، بتخطيط إيراني مستمر، يعتمد على فصائل الجاسوسية واللصوصية.

0 التعليقات: