أخر الأخبار

.

شيء لا يشبه شيئاً في حكومة الكاظمي المرتقبة




شيء لا يشبه شيئاً في حكومة الكاظمي المرتقبة!


عراق العروبة
هارون محمد




صدّع قادة الكتل والأحزاب الشيعية، رؤوس العراقيين، وهم يتغنون بعودة التفاهم في ما بينهم، وتلاشي الخلافات، التي عصفت بهم، وتفاخروا باتفاقهم على تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل حكومة جديدة، ثم عقدوا اجتماعاً موسعاً لـ(بيتهم الشيعي)، في منزل هادي العامري، بحضور المكلف، وأعلنوا أنهم خولوه باختيار وزراء حكومته، وفقاً لقناعاته، شرط أن يأخذ في الاعتبار، التوازن السياسي والاجتماعي في البلد.

ولأن أقطاب البيت الشيعي، ما صدقوا يوماً في كلامهم، ولم يثبتوا، مرة، على مواقفهم، فقد تعامل المراقبون السياسيون، مع تصريحاتهم، في اجماعهم على تكليف الكاظمي، ومنحه حرية اختيار أعضاء حكومته، بحذر وشكوك، لان تجارب الأعوام الخمسة عشر الماضية، كشفتهم، على حقيقتهم، كونهم دجالين وأفاقين، لا تهمهم مصلحة الشعب، أو مستقبل البلد، وأثبتوا أنهم ليسوا رجال دولة، وغير مؤهلين لقيادة حكومة، تلبي تطلعات العراقيين، وتستجيب لآمالهم، في البناء والتنمية والحرية والحياة الآمنة الكريمة، وسنوات حكم ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبدالمهدي، المليئة بالقهر والاضطهاد، والظلم والفساد، دليل كاشف، على عمى عيونهم، وسواد وجوههم.

وعندما يُعلن المكلف الكاظمي، أنه أكمل (كابينته) الوزارية، وأن حكومته جاهزة، ولم يبق أمامه غير التفاوض مع الكتل السياسية، لاستحصال موافقة قادتها على تمريرها في مجلس النواب، بأسرع وقت ممكن، فانه فضح نفسه، وبدّد ما ادعاه، عقب تكليفه، أنه شخصية مستقلة، يسعى إلى تشكيل حكومة تعالج الأزمات، بلا ضغوط أو تأثيرات، وفضح، في الوقت ذاته، قادة الكتل الشيعية، الذين أجمعوا على تكليفه، كما قالوا، وخولوه في اختيار وزرائه، في بيت العامري، والا لماذا التفاوض معهم، لتمرير حكومته أمام البرلمان بأسرع وقت ممكن؟. 

إن التفسير الوحيد، لـ(تفاوض) الكاظمي، مع قادة الكتل، يعني، كما هو واضح، أن الصيغة النهائية لحكومته ستعرض على هادي العامري ونوري المالكي ونصار الربيعي (ممثل) مقتدى الصدر وعمار الحكيم، وحيدر العبادي، وهم الخمسة الكبار في البيت الشيعي، وربما يتم الاستئناس، بآراء الثلاثة (الملحقين) بهم، فالح الفياض وهمام حمودي ومحمد اليعقوبي، حتى تكمل، (مسبحة البيت)، الذي تسبّب في خراب العراق، منذ العام 2005 إلى يومنا الراهن.

ومنذ البداية، قلنا، إن اتفاق (ربع) إيران، على تكليف الكاظمي، وتفضيله على عدنان الزرفي، والاثنان أمريكيان، في الهوى والنزعة، لم يأت من فراغ، أو نتيجة ضغط الأزمات، التي يئن من وطأتها العراق، وإنما لأنهم وجدوا في مصطفى استعداداً كبيراً، في منح دور لإيران، وإضفاء بصمتها على تشكيلة حكومته المتوقعة، على عكس الزرفي، الذي رفع راية المشاكسة لها، وتمكن من تهميش معسكرها (العراقي)، واخترق كتل الفتح ودولة القانون وتيار الحكمة، واستقطب النواب الصدريين والمستقلين.

لقد وجدت طهران أن الدفع بالزرفي إلى الصدارة، من دون أن يكون لها دور أو مشاركة، في ترشيحه وتكليفه، يمثل استقواءً أمريكياً عليها، وهزيمة سياسية لها، وهذا لن تقبل به إيران، في ظل وجود ما يسمى بـ(الكتلة الأكبر) وهي أكذوبة كبرى، لجأ إليها، المالكي والعامري ومن معهما، في الترويج لها، والتهديد بها.

وفي إطار التقييم السياسي بين الزرفي والكاظمي، لا بد من ملاحظة أن الثاني (أنعم) من الأول، وأكثر استكانة ورضوخاً، وتميل طبيعته، إلى الانزواء، وعدم الاشتباك مع الآخرين، ويفضل الانكفاء في المواجهات، ولمسنا ذلك، في موقفه، الذي عراه من فوق إلى تحت، في التعاطي مع كتائب حزب الله، الذي اتهمته بأنه عميل أمريكي، ومؤامرة بمنزلة اعلان حرب، من دون أن يدافع عن نفسه في الأقل، وهو يرأس أكبر جهاز أمني حكومي، ولم يتصرف كمسؤول يحترم نفسه، وأهان وظيفته الرسمية، التي تمنحه سلطات ملاحقة المليشيات الخارجة على القانون، وسحب أسلحتها المدمرة، لقطاعات وفئات واسعة، من المواطنين العراقيين.

وحتى لو نجح الكاظمي في تمرير حكومته، وحتى لو افترضنا، أنها ضمت وزراء أكفاء، إلا أنها ستظل أسيرة، لإرادة من جاء برئيسها، ووافق على وزرائها، وتالياً، فإنها ستكون أشبه بلعبة، يتحكم بها قادة الكتل والمليشيات الشيعية على طريقة (كلمن ايدو ألو)، وهم أساتذة في هذا (الكار) .

0 التعليقات: