أخر الأخبار

.

الكربولي والمطلك.. قعدة خاسرين وصلح مهزومين



الكربولي والمطلك.. قعدة خاسرين وصلح مهزومين!


عراق العروبة
هارون محمد




لعل من أبرز السياسيين (السُــنّة)، الذين قذفت بهم انتخابات 2018، خارج الساحة، وأجبرتهم على العزلة وبعض الراحة، هما: صالح المطلك، الذي شغل لمرتين، نيابة رئيس الحكومة، مرة مع حبيبه الخفي، وصديقه الوفي، نوري المالكي، ومرة مع حيدر العبادي، الذي طرده في ليلة ظلماء، بلا تأجيل ولا إرجاء، وجمال الكربولي، الذي ضيعه نوابه، وأفقدوه صوابه، وهو شهادة للتأريخ، أذكى من صالح، وأعرف منه بالمسالك والمصالح.

المطلك يقود جبهة، تحمل اسم (الحوار الوطني)، هو صاحبها ورئيسها ومكتبها السياسي ولجنتها المركزية وقاعدتها الشعبية، ولأنه شخصية طاردة، وصدره يضيق، بالواردة والشاردة، فقد تفرق عنه خلانه وصحبه، وكل واحد منهم اختار دربه، منهم النائب محمد تميم الجبوري، الذي شكل هو الآخر، تحالفاً أو اتحاداً، هو قائده وزعيمه، والناطق باسمه، ومنهم، ايضاً، النائب رعد الدهلكي، وقد انتقل إلى (خانة) محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان، بحثاً عن منزلة ومكان، بعد ان وجد صالحاً، لم يعد فالحاً، في حين ان حيدر الملا، اكتشف، متأخراً، انه برغم وقفته معه، ودفاعه المستميت عنه، يُقابل بالجحود، وعين حمرة وصدود، من آل المطلك، الذين تخصصوا بالوقيعة، والنخز بإبرة رفيعة، فاضطر إلى الافتراق عنه، والأسى يملأ نفسه، وهو اليوم من ربع الحلبوسي، مع انه يتعرض بين آونة وأخرى إلى مناكفات عبدالله الخربيط، ومشاكسات الحلبوسي هيبة ـ وتكتب هكذا ـ وليس بالتاء الطويلة - إلا إذا كان الأخير - يريد (أيرنة) اسمه، أو (تتريكه)، تقرباً من الجارتين، الشرقية والشمالية، أو تقليداً للتقية الشيعية. 

ولأن صالح المطلك، الآن وحيد، بلا معين ولا مريد، فقد حمل حاله، وذهب إلى غريمه، وحل في (دجلته) نادباً حظه، ومعلناً رفضه، للعملية السياسية العرجاء، وكان فيها كبير الشركاء، وانتفع منها مالاً ومناصب، وحظوة ومراتب، ويبدو ان ابن الكربولي، حليفه القديم، وهو صاحب قلب رحيم، قد تذكر صُحبة الماضي، وأيام الصداقة والتراضي، وأوصى مذيعته سحر جميل، أن تكون بلا شوك، وإلى الهدوء تميل، وهي من جانبها، لزمت السلامة، وتصنعت الابتسامة، بلا احراج أو ملامة، وريحّت الرجل، بدلال وغنج ووجل.

ويبدو، أيضاً، ان الكربولي، وهو الآخر، رضي بقسمته، ولم يعد يغالي، وقد نفر منه الاصحاب والموالي، وراحوا يطرقون أبواب غيره، ونسوا أفضاله وخيره، ولم يبق معه، غير النائب ليث الدليمي، يشد أزره، بودٍ وانسجام، حتى تلك النائبة الكردية، التي فازت على قائمته في بغداد، عادت إلى قواعدها في السليمانية، بلا سلام ولا كلام، وهي محقة في ذلك، لأن العرق دساس، ليس له ثبات أو أساس، ولكن ما خفف من مصيبة جمال، أن شقيقه محمد، إلى الحلبوسي مال، ولم ينس الاخ الحبيب، السياسي والطبيب، فمكانه محفوظ، ولكن تدخله مرفوض، في شؤون تحالف القوى، وما يتخذه من قرارات وخُطى.

ان عودة المياه إلى مجاريها بين صالح وجمال، وقد خلفا وراءهما، القيل والقال، وتجاوزا الشتائم المتبادلة بينهما، في سابق الأيام، وعادا إلى الصداقة والوئام، مسألة لم تعد تُخيف أحداً، كما كانت سابقاً، حيث كان يهرع اليهما مثلاً، الجميلي سلمان، وهو نحس وافعوان، يحمل لهما، زهوراً من كل الألوان، ولكنها بلا عطر، باستثناء رائحة (صنان).

وشيء محمود وجميل، ما أبدته سحر عباس جميل، وهي تستقبل المطلك بمودة، بلا غرور أو شّدة، لأنها فهمت ان الرجل في محنة، ويحتاج إلى فسحة وهدنة، يجب التعامل معه بدفء، وضحكات وعطف، وهو من جانبه، قابلها بمحبة، واحترام ورهبة، ولم يشر إلى مديرها الكربولي، بسوء أو موقف انفعالي، ويبدو ان الحنين إلى الرفقة القديمة قد جرفه، وطوى صفحة الماضي، وغض طرفه، وكان في اللقاء فرحاً، وحاول ان يكون مرحاً، ومما زاده حبوراً بيّناً، اتصال النائب علي الصجري تلفونياً، وقال كلاما في المطلك، بلا ضريبة أو كمرك، جاء على طريقة: ارحموا عزيز قوم انحسر، وقلبه العليل انكسر، خصوصاً عندما وصفه بالمعلم والزعيم، والقائد العظيم، ومن يعرف ابن الصجري جيداً، يعرف ان حديثه كان تهكماً وكيداً.

ان لقاء جمال والمطلك، بعد فُرقة وانقطاع، يفتقر إلى الحيوية والاندفاع، لانه اجتماع، مهزومين، وتحالف خاسرين، وإذا كانت (دجلة) قد أتاحت للكربولي فرصة ركوب موجة التظاهرات، وتحويلها الى منصة هتافات ، وتحمّلت هجمات واعتداءات، وكل ما يريده، التغطية على مواقفه السابقة، وفيها علامات فارقة، من الهلال الأحمر، إلى ربيع وزارة الصناعة الأخضر، وانتهاءً بوزارة الشياب، ووزيرها النسيب الموقر، برغم ان في الاخيرة، قليل تيسر، ولكنه نعمة وأكثر، أما صالح فقد بات فائضاً عن الحاجة، لا بضاعة عنده رائجة، ولا جماعة داعمة ومرافقة، ولا قناة باسمه ناطقة، وأكبر خطأ أقترفه، عندما سدّ باب (البابلية) وقفله، في الأقل كانت تُلمع صورته، وتُجّمل هيئته، وليس كما ظهر مؤخراً، سارحاً ومكتئباً، يعيش إحباطًا وخيبة، وعلى وجهه ملامح كآبة، تحمل شكوكاً وريبة، مع ان سحر تعبت، لسحبه الى المسرة وفشلت، يعطيها العافية، ومزيداً من الرقة الشافية، في أجواء صافية.

0 التعليقات: