نجيد الرثاء والمديح والفشل
نجيد الرثاء والمديح والفشل!!
عراق العروبة
د . صادق السامرائي
الرثاء والمديح غرضان شعريان يطغيان على الشعر العربي حتى يومنا هذا, , الذي ساد فيه الرثاء وتطور حتى شمل جميع نواحي الحياة.
فما أمهرنا بالرثاء!!
وما أجودنا بالمديح!!
وما أبْرعنا بالفشل!!
فنحن نريد نواحا , ونبحث عن فواجع لكي نرثي ونتمادى بالبكاء , وإستحضار مفردات اللوعة والتفجع والحسرات.
وما عندنا غير الرثاء!!
فإذا قُتِلَ شخص يحمل راية الحرية والكلمة الصادقة نهب لرثائه!!
وإذا تساقط المئات من الأبرياء في مظاهرات تطالب بحقوقها الإنسانية , ننطلق بمرثياتنا , ونحسب أننا قد فعلنا المطلوب وأدينا الواجب!!
نحن مكبلون بالرثاء , وهو الوباء الحقيقي الذي يدمرنا وينهينا.
وبسبب هذه الإقامة والتكرار لسلوك الرثاء , فأن ما فينا من طاقات واعية وغير واعية تتجه نحو صناعة المواقف التي تستدعي الرثاء , حتى تحول واقعنا الوطني والإجتماعي والديني والثقافي والسياسي إلى حالات تتوجب الإمعان بالرثاء.
بل أن الفرد منا صار يجتهد بكتابة مرثية ذاتية , يكيل بها غضبه وحنقه على الحياة.
فالرثاء من سلوكيات المجتمعات الميتة , الخارجة عن زمانها ومكانها , والمندحسة في أجداث الغابرات , وهذا يفسر إنقطاعنا عن حاضرنا ومستقبلنا وإدماننا على البكاء وذرف الدموع , وجلد الذات بشتى صنوف الآلات التي نمذهِبها ونؤدْينها ونقدّسها.
بينما المجتمعات المعاصرة لا ترثي بل تتحدى وتتصدى , وتواجه بقوة بما عندها من الطاقات والقدرات الفكرية والثقافية , وتنتصر على الشر وتقيم معالم خير وأمل ورجاء , تتغنى بها الأجيال المتوافدة إلى نهر الحياة.
فهل سنتحرر من الرثاء وننكر المديح ونسحق رأس آفة الفشل؟!!
0 التعليقات: