حوار موسع مع آخر سفير عراقي في طهران قبل الاحتلال
حوار موسع مع آخر سفير عراقي في طهران قبل الاحتلال
عبد الستار الراوي:
المالكي الخطاب الطائفي وينتقل مما يسمى بالدولة الديمقراطية إلى دولة شبه عسكرية
عراق العروبة
المنامة -اخبار الخليج
لن نجد أفضل من الفيلسوف البروفيسور الدكتور عبدالستار عزالدين الراوي آخر سفير للعراق في طهران قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق والمتخصص في الشئون الإيرانية للحديث عن المشهد العراقي وعلاقته بالمشهد الإقليمي والدولي وربطه بالسياسة الإيرانية في دول المنطقة.
فالدكتور الراوي يمتلك رؤية واضحة عن أداء حكومة المالكي، وهل ما يحدث في العراق هو مجرد صراع داخلي أم أن هناك أياد خارجية تعبث، وهل هناك دور لإيران وأمريكا فيما يحدث في العراق وباقي دول المنطقة..
سألنا الدكتور الراوي:
* كيف تحلل المشهد العراقي في تلك الفترة وما تقييمك لدور رئيس الحكومة نوري المالكي في هذا المشهد؟
أجاب:
ـ ما نراه الآن في العراق يمكن القول إنه ليس حادثا قائما بذاته أو أمرا جديدا وإنما هو نتيجة من نتائج لمقدمات طويلة، بدأت تتبلور منذ نهاية ديسمبر 2012، دخولا إلى سنة 2013 على امتدادها، فكان هناك حراك سلمي سياسي في الأنبار وكان الاعتصام السلمي هو السمة السائدة في هذا الحراك وأهمية هذا الحراك أنه رفع مطالب تعد بالدرجة الأولى في تقديري مطالب عراقية ولم تكن مطالب مناطقية أو طائفية، وقيمة هذا الحراك أيضا أنه استطاع أن يحدد ما يريد عبر قائمة ولائحة ضمنها المطالب كلها التي تتعلق بالغاية من هذا الحراك السياسي وكان هذا الحراك في وقتها قويا ولقي استجابة كبيرة من محافظات أخرى، وانتقل إلى كركوك وصلاح الدين والموصل، وامتد أيضا إلى بعض مناطق بغداد، وكان حراكا منظما يرفع نحو 12 مطلبا محددا وواضحا، تبدأ تلك المطالب برفض التمييز والإقصاء وتنتهي بأهمية مراجعة الدستور أو إعداد وتشكيل لجنة لإعادة كتابة الدستور، كون الدستور الموجود حاليا والذي تم تشريعه تحت الاستعمار هو في الحقيقة نسخة من (مشروع بريمر) في بداية الاحتلال، ومعظم الذين وضعوه وقعوا تحت ضغوط محلية وإقليمية، سواء أمريكية أم إيرانية، ومن يقرأ الدستور وخاصة الديباجة يجدها عبارة عن إعلان سياسي وليس إعلانا دستوريا وحقوقيا، ويدرك أن هذا الدستور - للأسف - لا يحمل روح القانون العام الذي تنتظم به الدولة وبموجبه تحدد الواجبات والحقوق للمواطنين.. وهناك الكثير من الأحداث التي ألقت بظلالها على هذا الدستور، على سبيل المثال تعامل هذا الدستور مع الأحداث التي جرت في العراق بنحو منحاز وثبت بعض المواد التي لا يمكن لأي منظمة تعنى بحقوق الإنسان أن تقبل بها، مثل اجتثاث بعض التيارات والمكونات الموجودة في المجتمع العراقي وإقصائها على أساس أنها تعاملت مع النظام السابق، فهذا الدستور يحاول أن يفتح صفحات من العداء والكراهية والبغضاء بين أبناء المجتمع العراقي الواحد، وليس لتكريس مبدأ المواطنة؛ فهو دستور مميز لطائفة على أخرى ومفرق بين أطياف المجتمع العراقي ولا يمكن أن يكون دستورا لدولة مثل العراق بوزنها وحجمها وتاريخها.
* ولكن حكومة المالكي تصور تلك المطالب التي وصفتها بأنها عراقية إلا أنها مطالب طائفية ومذهبية؟
ـ هذا أمر طبيعي لأنه ليس هناك عقل سياسي واضح واتجاه محدد لسياسة الدولة، إذ بني النظام السياسي في العراق، وأقصد سلطاته الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس قواعد الاحتلال الذي كان له يد طولى بتشكيل هذه المنظومة على أساس طائفي سواء على صعيد تشكيل الحكومة أو البرلمان أو السلطة القضائية، وهذا أمر واقع فهناك عملية لتسييس القضاء وتحويل الأصل إلى فرع والكليات إلى جزئيات، وبالتالي فإن الخطاب السياسي للدولة هو خطاب طائفي بامتياز، ورئيس الوزراء نموذج لذلك؛ إذ وطد للخطاب الطائفي في العراق منذ ولايته الأولى، وما شاهدناه في الأقل خلال السنة الماضية هو أن الخطاب السائد خطاب طائفي وأن المالكي هو من يقود هذا التيار من الخطاب الطائفي، وأيضا نرى أن المالكي انتقل مما يسمى بالدولة الديمقراطية والتعددية وسياسة المصالحة إلى دولة شبه عسكرية، وهذا واضح من خلال المليشيات التي نراها في العراق، على الرغم من أن العراق لم يجرب ولم يمتلك خبرة طائفية كما حدث بعد الاحتلال، وهذا دليل على أن هناك عوامل ضغط خارجي لها سهم وافر في هذا الأمر والوصول إلى ما فيه العراق الآن وبالتأكيد أمريكا وإيران وحزب الله وحتى إسرائيل كان لهم يد في هذا الأمر حتى يكون العراق ضعيفا باستمرار.
* ولكن لمصلحة من وجود هذا الانقسام في المجتمع العراقي وانتشار المليشيات العسكرية والعنف الطائفي الذي نراه الآن؟
ـ في مصلحة من سعى ويسعى إلى غرز تلك الأمور وتثبيتها، فعلى سبيل المثال إذا أردت أن تقيم حجة على شخص فيجب أن يكون لديك دليل، وإذا أردت أن تلقي القبض على إنسان فلا بد من أن يكون لديك أمر قضائي ولكن أبسط هذه التقاليد التي هي من بدهيات الأمور الأمنية والقضائية لم تتحقق في ظل الاحتلال الأمريكي، وعمقتها التجربة السياسية التي قادتها الأحزاب تحت ما يسمى بالمحاصصة الطائفية أو العراق الجديد.. والمرحلة الحالية واستمرار الخطاب الطائفي ووقائع هذا الخطاب الذي تحول إلى حركة وكيان للدولة يتبنى الموقف الطائفي.. فما قولك في (جيش المختار) الذي تأسس أمام أنظار الدولة؟ وتحدى صاحب جيش المختار الدولة بنحو واضح، بل انتقل من الخاص إلى العام وبدأ يقول إنه يهدد السعودية ويهدد دول الخليج العربية وإنه لا مانع لديه أن يحارب تحت العلم الإيراني، وفي النهاية نكتشف أن جيش المختار ليس إلا أداة من أدوات العمل للمالكي.. فالمالكي يقدم مذهبه على عراقيته، والعراقيون جميعا ومن بدون استثناء -إلا هؤلاء المشاركون في العملية السياسية - غير طائفيين سواء كانوا من هذه الطائفة أو تلك، ومن المخجل أن يتحدث عراقي عن طائفته، ولكن هؤلاء هم الذين يعيشون على هذه المسائل لأنه لا مشروع لهم إلا ما يتحدثون عنه من إقامة دولة إسلامية وعدل إسلامي، ولكن هل هذا هو العدل الإسلامي وإسلامهم هذا يبيح قتل الناس بهذه الصفة وإذكاء روح العداء بين المواطنين؟ فالدين القيم يدعو إلى المحبة والسماحة واحترام حقوق الإنسان حتى لو كان عدوك.
* هل هناك نوع من التهجير يتم على أساس طائفي في العراق حاليا؟
ـ منذ العام 2005 إلى 2007 كانت هناك عملية تهجير وعملية تغيير ديموغرافي لصالح الأحزاب الدينية الحاكمة وبالدرجة الأولى مشروع حزب الدعوة وهو مشروع تطهير عرقي إذا صح التعبير، والآن هناك إعادة لعملية التهجير تنفذها الدولة لصالح أيديولوجية طائفية، وحزب الدعوة يسعى إلى جعل العاصمة بغداد منطقة شيعية بكاملها، وهو لا يسعى إلى قضية وطنية بقدر سعيه إلى قضية مذهبية، والآن ما يحدث في العراق هو عملية تغيير ديموغرافي للسكان، وهذا المشروع يقف أمام تنفيذه الشيعة الوطنيون من العراق أنفسهم ولكنه أكبر من قدرتهم على استيعابه والدولة ماضية في تنفيذه.
* هل تعد ضبط أسلحة قادمة من العراق إلى البحرين تطورا جديدا في التدخل العراقي بالشأن البحريني؟
ـ أنا أعد هذا الأمر نتيجة لمقدمات حصلت في العراق في 2011 عندما كانت هناك الأحداث في البحرين، وللأسف تعامل النظام في العراق بصفة تمثل تدخلا في الشأن الداخلي للبحرين، ومن المفترض أننا نحترم ما يحدث في أي بلد آخر ولا نتدخل فيه، فهل يرضى أحد التدخل الإيراني أو أي تدخل آخر في سوريا مثلا؟ لا أعتقد؛ فهذا حراك داخلي ينبغي أن يحل داخليا، ولكن أن تأتي وتزيد النار حطبا وتكون طرفا في نزاع داخلي فهذا خطأ كبير.
*هل ترى أن هناك محاولة لاستنساخ عراق آخر في دول الخليج؟
ـ اعتقد أن الأمر راجع إلى الثورة الإيرانية؛ فهي ثورة ليست محلية، بل أممية تجاوزت حتى الإسلامية، وما يحدث في العراق هو عبارة عن تأسيس مركز شبيه بالمركز الموجود في لبنان، فأدوات الثورة الإيرانية تتمثل في وسائل وآليات ومراكز ثابتة على الأرض، فكانت لبنان، وفي أعقاب 2003 أصبح العراق ولديها أيضا سوريا، وهذه المراكز الثابتة يتم من خلالها تصدير الثورة الإيرانية إلى جميع الدول من خلال الأحزاب والمنظمات الموجودة بتلك الدول، بالإضافة إلى تصدير ثورتهم من خلال الثقافة والكتاب والدراسات والإعلام بأدواته كلها، والأهم من هذا أن يكون لها في كل بلد مركز وقاعدة تنطلق منها وهذا ما نراه يحدث أمامنا.
* ما هي مراحل تصدير الثورة الإيرانية إلى دول المنطقة وإلى أي مرحلة وصلت؟
ـ إيران بدأت بالأيديولوجية الأممية على صعيد المنطقة من خلال المرحلة الأولى المتمثلة في التبشير والدعوة ثم انتقلت إلى المرحلة الثانية وهي الحرب الناعمة وسلاحها هو التجسس والتعبئة والإعلام، ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي العسكرية وسارت في سوريا ولبنان والعراق، والمرحلة الرابعة هي المرحلة النووية، والآن انتقلت الثورة الإيرانية من مرحلة القوة الناعمة المتمثلة في الإعلام والعمل الاستخباري إلى مرحلة اللجوء إلى الأسلحة وهذا ما يحدث في سوريا والعراق ولبنان.
* ما مدى خطر تصدير الثورة الإيرانية وسياسة ولاية الفقيه على دول المنطقة؟
ـ إيران تسعى إلى نشر فكر وحزب واحد فقط في الوطن العربي مهما تعددت أسماء الأحزاب التابعة له في المنطقة، وهو حزب ولاية الفقيه، فالبنية الفكرية والأيديولوجية الفكرية لهذه الأحزاب هي تقديم المذهب على الوطن والتنازل عن الوطن لحساب دولة أخرى واعتبار تلك الدولة هي مرجعيته الحقيقية سياسيا ودينيا واقتصاديا وفكريا وعقديا، فمثلا دعنا نرى ماذا قال حسن نصر الله، قال (إيران تؤدي في منطقتنا الواجب الإلهي وهي منسجمة مع عقيدتها ودينها)، فماذا ننتظر بعد هذا، فإيران بالنسبة إلى حزب ولاية الفقيه تعد البلد الأم.
ولا تعد ولاية الفقيه نفسها بموجب الدستور الإيراني ولاية وطنية، وإنما تعد نفسها ولاية للمسلمين كلهم ولها خارطة تبدأ من طهران بوصفها هي (بلد الله) أو (عاصمة الله) كما يقول الخميني إن الله لا يوجد إلا في الساحة الإيرانية، وطبقا لكلام الخميني في 1980 هناك خريطة إيرانية تتوزع على 3 مناطق، الأولى هي المنطقة الخضراء وتمتد من جاكرتا إلى الدار البيضاء، ثم تمتد إلى المنطقة السوداء وهي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية ثم المنطقة الحمراء وهي الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية فهذه هي منظومة الخريطة الإيرانية، وخطط الخميني لتنفيذ وتطبيق هذه الخريطة من خلال إعلانه في بداية 1980 تشكيل جيش الـ20مليون مقاتل، ليس فقط من إيران، وما يحدث الآن يؤكد أنه يتم تطبيق هذا الأمر، فكل حزب موال لإيران ولولاية الفقيه لا بد من أن يمتلك مليشيات عسكرية وجناحا عسكريا مسلحا، وإذا أردنا أن نخفف فيما يسمى من ممارسات تلك الأحزاب فسنقول عنف وإذا أردنا استخدام المصطلح الحقيقي لما يفعلون فهو إرهاب.
* هل ترى في الوحدة الخليجية الحل للوقوف أمام التدخلات الإيرانية في شئون دول الخليج الداخلية؟
ـ بالتأكيد، وأتمنى أن تتم تلك الوحدة، لأن الوحدة الخليجية أو العربية بنحو أوسع هي الحتمية التاريخية والشروط القائمة تحتم على الدول الخليجية الوحدة، فأنا إنسان أؤمن بالوحدة، وأتمنى تنفيذ هذه الوحدة ليس فقط من باب القوة، ولكننا كدول عربية محتاجون إلى كتاب واحد ووطنية واحدة ومفاهيم محددة، لنبدأ حتى في عمل وحدة ثقافية كمقدمة للوحدة الكبرى بين الدول الخليجية ونوحد صوتنا في الأقل حتى لا نكون خارجين عن السلم الموسيقي، فنحن نحتاج إلى إيقاع موحد في الفكر والثقافة والسياسة الخارجية وخططنا للتنمية وأن يكون هناك ارتباط بين الوطن العربي كله وليس فقط الدول الخليجية، وهذا لا يعني أن نقول إننا سنصبح في قالب واحد، ولكننا كدول عربية نحتاج في الأقل أن نتحاور فيما بيننا من الداخل ونرى الرأي العام لدولنا ماذا يريد، فما المانع من طرح مشروع الوحدة للمناقشة وعمل دراسات استقصائية للوقوف على رأي الشعوب في مسالة الوحدة؟.
* كيف ترى الأداء الإعلامي الخليجي والعربي مقارنة بالإعلام الإيراني، وهل نجح إعلامنا في إظهار حقيقة التدخلات الإيرانية في شؤونه الداخلية ؟
ـ أعتقد أن الإعلام العربي يعاني من قصور من نواحٍ عديدة، فعلى الصعيد القومي لا يوجد صوت إعلامي موحد سواء أمام قضايانا الداخلية أو أمام ما نواجه من تحديات خارجية، ولذلك بدأ خطابنا يتعثر وبدأت قضايانا تتنوع، فلم لا يكون هناك جهاز إعلامي يمثل جميع العرب وليس بالضرورة أن يكون حكوميا؟ فالآن أغلب الفضائيات تتبع القطاع الخاص، وهناك غياب للتخطيط والأولويات؛ ففي الخليج مثلا نواجه متاعب ونقول إنها من إيران، فهل حاولنا دراسة هذه القضية وأن نستخلص ماهية المادة الإعلامية الموجهة ضدنا، فينبغي أن نفهم إيران حتى نستطيع التعامل معها على الأقل.. في الوقت ذاته نرى أن وزارة الخارجية الإيرانية مثلا تصدر دراسات متخصصة بدقة عن العراق والخليج وكل بلد في العالم.
** ما رأيك في ملف حقوق الإنسان والحريات في إيران؟
ـ هناك رؤية من داخل إيران وأخرى من خارجها، وربما تكون الرؤية من الداخل نقيض ما يمكن أن تراه من الخارج بمعنى أننا نرى إيران من الخارج بلدا ملتزما بالديمقراطية الشكلية والانتخابات في أوقاتها، ولكن انظر إليها من الداخل وانزل إلى المياه العميقة قليلا وتأمل في ملف حقوق الإنسان في إيران بمختلف المذاهب، وكيف أن الجميع مجبر على أن يرتدي زيا معينا، وهناك تدخل في أخص الخصوصيات؛ فالأمن الإيراني له الحق في أن يوقف أي سيارة ويفحص ما بها، بالرغم من أن هذه من بدهيات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى موضوع حرية الرأي والمنابر، فكيف لهذه التجربة ألا تراجع نفسها وترى إذا ما كانت على خطأ أم صواب؟ بل إنها تتعامل على أنها معصومة من الخطأ، فهذا العقل المتعالي وفوق النقدي، لن يقبل بالواقع أو التاريخ.
* لماذا لا يستخدم الغرب ملف حقوق الإنسان مع إيران كما يستخدمه مع الدول العربية؟
ـ أولا الغرب ليس مثاليا ولا يمكن إعطاؤه صفة المثالي، وفي تقديري إن الذي يحكم العقل الغربي هو المصلحة، وإيران لديها مصالح مع الغرب ولديها رغبة في إقامة علاقة سوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا قرأنا العديد من الأدبيات التي تنشرها الأحزاب الإيرانية وجدناها تسعى إلى المصالحة مع الغرب، وهذا الصوت ليس في منأى عن المحاولات الرسمية أيضا للاقتراب من الغرب، والخميني نفسه كان عنده علاقة مع واشنطن، ورافسنجاني حاول فتح علاقات ولكن واشنطن كان لديها توقيت معين لعودة العلاقات بنحو سليم، ولا تصدق من يقول إن خط الود انقطع في يوم من الأيام بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، فمن مصلحة إيران ألا تقطع علاقتها بواشنطن والغرب على الأقل في مشروعها النووي.
* هل ترى أن إيران استطاعت أن تكسب من اتفاقها الأخير مع الغرب حول ملفها النووي؟
ـ إيران وصلت إلى نقطة حرجة جدا من الحصار الاقتصادي الذي يفرضه الغرب عليها، والنظام الإيراني لا يريد أن يتعرض لأي هزة داخلية، وأعتقد أن هذا الاتفاق هو مجرد مسكنات بين الطرفين، لا الغرب مقتنع تماما به ولا إيران مقتنعة، وطهران طموحها أعلى بكثير مما تم الاتفاق عليه، وهذا الاتفاق سيعطي إيران الوقت لتراجع موقفها لتستعد أكثر؛ فالمرحلة النووية بالنسبة إلى إيران هي مرحلة وجودية وبنيوية.
*كيف يمكن إنهاء هذه العلاقة المتوترة بين إيران والدول الخليجية والعربية؟
ـ أولا ألا تتدخل إيران في شؤون العرب وألا تعدهم مجرد كتلة سكانية باردة ولا بد من أن يكون هناك وعي وثقافة وتراث وأهداف إنسانية تؤمن بالجوار والحوار والحرية للطرفين، وأتمنى من المثقفين العرب خاصة من تتكلم باسمهم إيران أو أحزاب ولاية الفقيه أن يعوا ويدركوا هوية إيران، وان يكونوا أداة للتنوير والتوعية في بلادهم، ويؤمنوا أن الوطن أغلى من الطائفة وأغلى من الحياة نفسها، ولا يمكن لعاقل أن يعلي الجزء على الكل، وأنا واثق أن الوطنية هي التي ستنتصر وليست المذهبية؛ فالحقوق المشروعة لا تأتي عن طريق المذهب وإنما عن طريق المشاركة الوطنية، وأن نكون جزءا من وطننا ولسنا متفرجين عليه وساخطين منه.
وأريد أن أؤكد أننا كعرب نحترم إيران ونتمنى أن يكون هناك علاقة تكافؤ بيننا وبينهم بشرط احترامهم سيادتنا، وأن يكون هناك علاقات إنسانية متكافئة اقتصادية وسياسية واجتماعية فنحن ننتمي في النهاية إلى دين واحد ومنطقة واحدة، والأمن الإقليمي واحد، والأهم هو تنمية العقل والإنسان والأفكار والبلدان والحقوق المتكافئة وهذا ما نبحث عنه، ونتمنى أن نسمع صوتا جميلا وعاقلا يأتينا بهذا النبأ العظيم.. وأؤكد أن الحوار هو أقصر مسافة بين نقطتين وينبغي أن يكون الحوار هو الأصل أما (السلاح والعنف) فهذا أمر مرفوض، فلا يمكن أن تحل الرصاصة محل الكلمة فكلا الطرفين وقتها سيخسر.
وأطالب دول الخليج العربي بالاعتماد على قوتها وإرادة شعوبها بالدرجة الأولى وألا يثقوا لا بالغرب ولا بغيره وأن يتجهوا إلى المستقبل بتنمية المواطن.
0 التعليقات: