الكذب المعقول
الكذب المعقول
عراق العروبة
علي السوداني
مكاتيب عراقية
وهذه مهنة جديدة ومبتكرة وغير مسبوقة ، خرجت من مطبخ الشياطين الأشراء فشاعت في مجالس العراقيين ومقاهيهم ومطاعمهم وحاناتهم وماناتهم ، وعلى صفحات التناطح الاجتماعي وساحته الشهيرة غابة الفيسبوك ، حيث حقق الولد الشاطر مارك ومرجعيته جلَّ اهدافهم الشريرة ، وربحوا مليارات الدولارات الدسمة ، وخسرنا آخر ما تبقى من البلاد المريضة الغاربة ، التي ينخرها مثل أرضة وعث على خشب عتيق ، فساد لا شبيه له على كل سطح الأرض .
الحرامية والقتلة والخائنون وبساطيل الغزاة وأبناء المزاد ، ينشطون بطريقة هائجة مائجة ، تعينهم في ذلك خزنة المال الضخمة التي نهبوها ، والموت السريري للعقل العراقي الذي دخل الآن مرحلة هي الأقرب الى غرفة الإنعاش ، في مستشفى فيه الطبيب ينظر بعين الى جرحك وبالعين الثانية الى جيبك ، فيقومون بنشر مائة خبر كاذب من أجل تغطية وتلحيف عشرة أخبار حقيقية ، وبعد أن تتداولها الرعية الساذجة أو التي تصدّق وتتلذذ بالكذبة المشتهاة ، ستخرج مايكرفونات حكومة اللصوص ، لتقول للناس أيها الناس انظروا الى خصومنا ، وهم ينشرون الإشاعات والفبركات ضدنا نحن المساكين الشرفاء ، فتصدق الناس أيضاً وتبدأ مرحلة أخرى من التلاوم والأسف والندم ، لأنهم ساهموا بترويج هذا الوباء القذر .
من شريط الأكاذيب التي تصنعها الحكومة ومنغلتها اليوم ، هو حديث مكثف عن انزالات جوية يقوم بها الجيش الأمريكي فوق كل مساحة العراق ، حتى وصل أحد هذه الاحتلالات السوبرمانية الى الدباش والوشاش ومخازن الشالجية ومعمل لبن أبو غريب وشارع فلسطين ، وبشهادة شهود عيان صوروا طيارات وبرشوتات الهبوط الأمريكي بهواتفهم الجوالة !! تلفيقات سخيفة وساذجة وتخدم الحرامية والغزاة ، يساهم في نشرها وترويجها حتى بعض الأصدقاء الذين ندري أنهم على درجة ممتازة من الوعي والثقافة العالية ، ما يُفترض أن يجعلهم محصنين أمام سيل التفاهات هذه ، لكن أغلبهم عندما تجده متلبساً بنشر الكذبة ، سيرد عليك رداً باهتاً يائساً ، بأن الأمر لا يعدو أكثر من مساهمة بالحرب النفسية ، ونسي أن حرب الإشاعات والتضليل النفسي تحتاج الى خبراء في هذا الباب ، يعرفون كيف يصنعون ويروجون « الكذبة المعقولة « التي لا تترك أثراً قاتلاً حتى بعد انكشاف ظهرها .


0 التعليقات: