أخر الأخبار

.

نوري المالكي الآن.. مرعوب من الأمريكان



نوري المالكي الآن.. مرعوب من الأمريكان!


عراق العروبة
هارون محمد




بدأت تتكشف محتويات رسالة السفير الأمريكي، في بغداد، ماثيو تولر، إلى نوري المالكي، وما تضمنته من تهديدات أفزعت صاحب صيحة (ما ننطيها)، لما حملته من تلميحات وإشارات، إلى قضايا فساد واختلاسات، وجرائم وانتهاكات، كان وراءها، زعيم حزب الدعوة، خلال رئاسته للحكومة، لثماني سنوات (2006 ـ 2014) كان فيها حاكماً أوحد، وضع موارد العراق، ومبيعات نفطه، تحت تصرفه، وسن قوانين طائفية، وتشريعات قمعية، مناهضة لحقوق الإنسان.


والغريب في موضوع الرسالة الأمريكية، ان نوري المالكي نفسه، وليس السفير تايلر، كما يفترض، هو من سرّب، أجزاءها السرية إلى زواره وضيوفه، الذين يتقاطرون عليه كل ليلة رمضانية، يضربون (الفسنجون) والسمك المسكوف، ويأتيه يومياً حياً، بأحواض مائية على ظهور الـ(بيكبات) من سدة الهندية، لأن (سماحته) يستحرم أكل السمك، إلا إذا كان (يلبط)، وهو خبير بالسكف، منذ كان معاون محاسب في مديرية تربية بابل في طويريج، نهاية السبعينيات، قبل ان يهرب إلى إيران، ويلجأ إلى الشيخ عبدالحليم الزهيري، الذي سبقه في الفرار، وقد كوفيء الأخير، خلال حكم (الحجي)، حيث عينّه كبير مستشاريه، ومنحه رتبة فريق أول ركن (دمج) برغم أن الشيخ إذا عاد إلى صباه، فانه لا يذكر انه انخرط في فرق الكشافة، لأن مدارس النجف الحوزوية، التي تعلم فيها، تحظر الرياضة، وتُعظّم (المتعة)، وتشجع (التقية)، وهو أصلاً، لا يعرف الـ(يس .. يم)، ولا يفرق بين الاستراتيجية، وأكلة المحشي الباذنجانية.



المهم.. ان المالكي، وبعد الصلاة، يبدأ بالحديث عن مضمون الرسالة في شقها، الذي يهدده، لانه غير مهتم بالجوانب المتعلقة، بالسرقات والعقود والصفقات، فهذه لم تعد تُخيفه، وإنما، الذي يُرعبه، ما يسميه زعيم حزب الدعوة، بمعلومات مختلقة، وأحداث مفتعلة، نسبتها اليه، الرسالة الـ(ماثوية)، وهو يقسم برأس العباس، انه بعيد عنها، وبريء منها، وفقاً لرأيه، حيث تُشير في جانب منها، إلى جرائم وانتهاكات، وقتل واغتيالات، تأكدت الولايات المتحدة، بعد فحصها وتدقيقها، على مدى سنوات، انه، شخصياً وسياسياً ووظيفياً، يتحمل مسؤوليتها، وان واشنطن سكتت، لحد الآن عنها، حرصاً منها، على الأوضاع في العراق، وتفادي ردود الفعل، عند الإعلان عنها أو نشرها.



وفي الرسالة، ايضاً، تذكير بما قدمته أمريكا، للمالكي من دعم ومساعدات، ومواقف وسياسات، يصفها أبو اسراء، بانها مبالغات، برغم انها وفقاً للرسالة، موثقة بالوقائع والتواريخ، ومحاضر اجتماعات، واتصالات هاتفية مسجلة، ومراسلات سرية، من الواضح ان واشنطن احتفظت بها، طوال السنوات السابقة، للتلويح بها، في مثل هذا اليوم، الذي ظهر فيه المالكي، وهو ينتقد الأمريكان، ويطالب بسحب قواتهم، ولو كان بريئاً مما نسبته اليه الرسالة، لقال بعالي الصوت للسفير الأمريكي: مستر تايلر الزم حدك.. وإلا سنطردك!. 

  

والذين يعرفون نوري المالكي، أو الذين عملوا معه، يؤكدون انه فقير في السياسة، وليس له علاقة بالفكر والثقافة، فلم يخطر في باله يوماً، ان أمريكا، دولة لا أمان لها، ولا تعترف بأصدقائها، الا بقدر ما يخدمونها، أما إذا انقلب أحدهم عليها، فالله يستر من غضبها، وهي لا تنسى أفضالها، أو حتى فضلاتها، على من قبض، أو تلقى دعماً منها، فكيف بها، وهي التي انتشلته من صفوف المغمورين، وفرضته رئيساً لحكومتين متتالتين؟.



ولعل أبرز ما قدمته الإدارة الأمريكية، من خدمة (جليلة) إلى المالكي، كان في العام 2006، وهو تاريخ فاصل وعلامة فارقة، في تاريخه، ونجد ذلك في ما نشرته مجلة (نيويوركر) الأمريكية المشهورة، بدقة معلوماتها، في عددها الصادر في تموز 2014، وهي تستعرض الخيبات الأمريكية في العراق، كيف أمر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، سفيره في بغداد زلماي خليل زاد، نهاية العام 2005، بمنع ابراهيم الجعفري من العودة إلى رئاسة الحكومة لولاية ثانية، لان شكله يوحي وكأنه خارج من القرون الوسطى، برغم انه زار واشنطن، واجتمع مع كبار المسؤولين فيها، توجّها بهدية قيمّة الى وزير الدفاع رامسفيلد، وهي عبارة عن نسخة ذهبية من سيف ذي الفقار، للإمام علي بن أبي طالب، وجاء في الأمر الرئاسي أيضا، أن يحل بدلاً عنه جواد المالكي ـ هكذا كان اسمه ـ قبل ان يغيره إلى نوري، وكان في ذلك الوقت، نائباً لرئيس هيئة اجتثاث البعث، وبرلمانياً فائزاً.



ونقلت المجلة، عن زلماي أنه أقام حفلة غداء، لمناسبة أول انتخابات (تعددية وديمقراطية)، دعا اليها المالكي وآخرين، وخلال تناول الطعام، دس السفير قصاصة ورق في جيبه، ما أن قرأها نوري، حتى كاد يُغمى عليه، من فرط سعادته، وصار الذي صار، ثم جاءت العجوز السمراء كوندليزا رايس، وقدمت التهاني له، بعد تشكيل حكومته الأولى في العام 2006. 



ولعل من أعمق التعليقات رصانة ورؤية، على رسالة السفير الأمريكي الأخيرة الى نوري، كانت من نصيب كاطع الركابي، القصاب القديم في منطقة الشويخ بالكويت، قبل هربه إلى إيران، ومن ثم انتقاله إلى دمشق، سائقاً للمالكي في سوريا على سيارة الـ(فولفو) زيتونية اللون، موديل 1989، المهداة من رئيس مؤسسة الخير والإحسان السورية، اللواء علي دوبا، عندما قال في تعليقه، ان الرسالة (ما مقبولة)!، هكذا قرأها، وفقاً لفهمه، فهو لا يخوض في مثل هذه القضايا، التي تحتاج إلى تحليل وتنظير، لانه، منشغل بتنمية مشاريع المالكي التجارية، ومنصرف إلى ضبط حساباتها، لحد الـ(سنت)، وهذه مسألة محيرة، لان تحصيله الدراسي، يشير إلى انه خريج مدارس محو الأمية في الناصرية العام 1978 !. وحلوة تغريدة عزة الشابندر، الفلكلورية، عن العريس الذي عاف عروسه في ليلة الدخلة، وتمسك بثوبها، ولكنه لم يكملها، فالعريس إما ان يكون عنيّناً، وبه حاجة إلى الاستعانة بـ(أصدقاء) لمساعدته، في تدبير أموره، على طريقة المشاركين في برنامج (من سيربح المليون)، أو انه شاف (المنظر واخترع)، برغم أنني أميل إلى التفسير الأخير، بعد استبدال مفردة (المنظر) بالرسالة، وكلمة (اخترع) بفوجيء أو فُجع أو صُعق، وكلها (ترهم)!.

0 التعليقات: