أخر الأخبار

.

انتهت (صلاحية) هادي العامري وينتظر التقاعد الاجباري




انتهت (صلاحية) هادي العامري وينتظر التقاعد الاجباري!


عراق العروبة
هارون محمد



أثارت استقالة هادي العامري، من عضوية مجلس النواب، موجة من التساؤلات، عجز قياديو مليشيا بدر، وكتلة الفتح، في تفسير توقيتها، وتوضيح أسبابها، في حين يدور همس في الأوساط السياسية الشيعية في بغداد، أنه أجبر على تقديم الاستقالة، تحت ضغط الايرانيين، الذين سجلوا عليه مآخذ وملاحظات، وفشل واخفاقات، على أدائه السياسي، خلال العامين الماضيين، وانشغاله بتنمية موارده المالية، وتوسيع أعماله التجارية، التي يشرف عليها نجله مهدي، الذي بات يدير شبكة واسعة من الاستثمارات، تمتد من بيروت إلى ميناء بندر عباس الإيراني، عبر سوريا والعراق، وصولاً إلى الهند والصين، والجمهوريات السوفيتية السابقة، وخصوصاً أذربيجان.

وبرغم ان صحيفة (الأخبار) اللبنانية، المقربة من زعيم حزب الله، حسن نصرالله، توقعت انفراط كتلة (الفتح)، كما نقلت عن أكثر من مصدر، وفقاً لما ذكرته، (الاثنين)، الا ان إشارتها إلى ان قادة في الكتلة، لم تفصح عن أسمائهم، أعربوا، أكثر من مرة، عن استيائهم من أداء العامري، وقد نقلوا هذا الاستياء إلى الدوائر الإقليمية المعنية، والمقصود إيران، هذه الاشارة، أوجدت لغطاً، وحرّكت تكهنات، بان المقاتل القديم في صفوف القوات الإيرانية، وخصوصاً في حربها على العراق (1980 ـ 1988) فقد صلاحيته في العمل، والاستمرار في المهمات الموكلة إليه، وبات عبئاً على تلك (الدوائر الإقليمية المعنية)، التي يبدو انها قررت إزاحته بالتدريج، عن مواقعه وهي كثيرة ومتعددة، شغلها، منذ وصوله، برفقة عبدالعزيز الحكيم، إلى العراق، قادمين من طهران، بعد شهر واحد من الاحتلال الامريكي، الذي قدم التسهيلات لعودة الجماعات والمليشيات الشيعية المعارضة للنظام السابق، من إيران، وفي مقدمتها، المجلس الاعلى وجناحه المليشياوي، فيلق (بدر)، المشكل أصلاً من قبل الحرس الثوري الإيراني، في نهاية العام 1983، والمشرف على تدريب عناصره وتجهيزه بالأسلحة والمعدات العسكرية والاستخبارية.

ومن يستعرض تاريخ هادي العامري ، المولود في قرية الجيزاني، بمحافظة ديالى في العام 1954، والحاصل على شهادة بكالوريس في الإحصاء من جامعة بغداد 1976، والموظف بدرجة معاون ملاحظ في مديرية تربية الرصافة ببغداد، خلال الأعوام (1977 ـ 1980) والنصير في تنظيمات حزب البعث، لغاية هروبه إلى ايران، نهاية العام 1980، يجد في ذلك التاريخ الملتبس، مفارقات تبعث على الدهشة، ومحطات تثير الاستغراب، وما زال الكثير من زملائه في الجامعة والوظيفة، لا يصدقون ان ذلك الشاب القروي، المواظب على حضور الحلقات الحزبية، والمشجع الرياضي في كلية الادارة، والموظف النشيط، يُصبح عميلاً ايرانياً، وسياسياً طائفياً، وقائداً ميليشياوياً، وقاتلاً محترفاً، وهي سمات ومهمات، ليس من السهل، على هادي (الافنص) كما كانوا يسمونه، مزاحاً، أن يجمعها، ويتشدد فيها، ويتطرف في ممارستها، وهو الذي كان يميل إلى الهدوء، وتفادي الحدّة والاحتكاك بزملائه، خلال سنوات دراسته الجامعية، ووظيفته الادارية، مما يوحي أنه لجأ إلى (التقية)، هذه العادة الانتهازية، في عقيدة الشيعة الامامية، لاخفاء نياته الباطنية، والتستر على حقيقته الدفينة.

ويعترف العامري، في أكثر من مقابلة صحفية، أنه غادر العراق إلى الاردن، بصفة قانونية، وبجواز سفر عراقي صحيح، لقضاء اجازة في الخارج، بموافقة دائرته الحكومية، وهذا يعني في المعايير الامنية، أنه لم يكن مطلوباً، أو ملاحقأً، وملفه الدراسي والوظيفي، لا إشارة ولا ملاحظة فيه، وليس صحيحاً ما يروجه عن نفسه، بانه قرر مغادرة العراق، احتجاجاً على اعدام محمد باقر الصدر، فهذه مجرد مزاعم وادعاءات، لجأ الى سردها، معظم الهاربين الى ايران.

ومن الاردن توجه العامري إلى سوريا، وفي دمشق التقى ممثلين من حزب الدعوة، وأبدى استعداده للتعاون معهم، حيث نُقل بالطائرة إلى طهران، وألحق بدورة في إحدى معسكرات الحرس الثوري في غرب إيران، على استخدام السلاح وزرع الالغام.

وبعد افتتاح معسكر الصدر في الأحواز، انتظم العامري فيه كمتدرب، إلى جانب الاسرى العراقيين (التوابين) والشباب الايرانيين المسفرين، وخلال وجوده في المعسكر، الذي كان يديره الملا حسين الشامي، تعرّف على نوري كامل علي (جواد المالكي) سابقاً، ونوري المالكي حالياً، وكان هو الاخر قد هرب إلى ايران، عن طريق الكويت، ونشأت بين الاثنين صداقة ما زالت قائمة.

وقاتل العامري ضد قطعات الجيش العراقي، بعد انتهاء تأهيله بمعسكر الصدر، ضمن قوات الحرس في جبهات سومار ومهران وديسفول، وكان يشارك أيضاً، في التحقيق مع الضباط والجنود العراقيين، الذين يقعون في الأسر، خلال العمليات العسكرية في القواطع، التي كان يقاتل فيها من الجانب الايراني، وما زال المئات من الاسرى الذين أفرج عنهم، عقب أحداث الكويت، يتذكرون صورته كجلاد يتفوق على نظرائه الايرانيين بالقسوة والشدّة.

وعقب انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، في آب 1988، حدثت تصدعات في الاحزاب الشيعية اللاجئة في إيران، ومن ضمنها حزب الدعوة، الذي تعرض إلى سلسلة انشقاقات، وجد العامري نفسه مهملاً فيها، فأخذ حاله ومضى إلى محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى، الذي نسبه للعمل في فيلق بدر، وكان رئيس أركانه، وقتئذ، جمال إبراهيمي (أبو مهدي المهندس).

وفي أعقاب حركة العصيان والتمرد، التي شهدتها المحافظات الشيعية والكردية في ربيع العام 1991، حدثت خلافات بين عبدالعزيز الحكيم، المشرف على فيلق بدر، ورئيس أركانه ابو مهدي المهندس، وعلى اثرها، اختار (القائد العام) للفيلق محمد باقر الحكيم، العامري رئيساً للاركان بدل المهندس، الذي التحق بقوات قدس الإيرانية، التي يقودها قاسم سليماني، واستمر (أبو حسن) في موقعه هذا، لحين وفاة عبدالعزيز الحكيم، في نهاية آب 2009، حيث استغل غيابه، وضعف ابنه عمار، واستقل بـ(بدر) وحولها إلى مليشيا مجهزة بالأسلحة الأمريكية، من مستودعات الجيش والشرطة الاتحادية بدعم من نوري المالكي.

في رقبة هادي العامري أطنان من دماء العراقيين، منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي وإلى يومنا الراهن، فعلى مدى أربعين عاماً، كان رأس حربة إيرانية، حصدت أرواح الآلاف من الابرياء، بلا ذنب، سوى انهم تشبثوا بعراقيتهم، ودافعوا عن بلدهم وأمتهم، في مواجهة ايران العدوان، ومشاريعها الشريرة.

0 التعليقات: