أخر الأخبار

.

مقدمة لمسرحية اصلاح خطأ بسيط في مؤسسة غير مهمة


مقدمة لمسرحية اصلاح خطأ بسيط في مؤسسة غير مهمة


عراق العروبة
د . ضرغام الدباغ



ماذا يريد الكاتب أن يقول عندما يقدم عملاً مسرحياً للقراء، ثم أنه يأمل أن تقدم ذات يوم على خشبة المسرح وهنا الاختبار الحقيقي لنجاح العمل فنياً ....!

في البدء أشعر بتأزم يجتاحني، وأظل أدور حول الأزمة، أريد أن أجد الثغرة لاقتحامها، بل في طريقة تحليلها ثم كتابتها، إذ ينبغي أن أقتنع أنا بأنني سأعمل على حل ألغاز أزمة تدور كإعصار في الحياة، وفي نفسي، بل أني أشعر بالتعب من ثقلها ... ترى كيف سأنقلها إلى الجمهور، هل تصلح معاناتي الشخصية أن أعممها على الناس ..؟

لا شك أن الأزمة حقيقية وليست مزورة، ولا أبالغ إن وصفتها بالأزمة، ولكن على أن أنجح في كتابتها بطريقة أدع الجمهور يتفاعل معي .. عفواً .. مع الأزمة، ليشعر بها، ليتوجع منها مثلي .. ثم ليحاول أن يفكر معي ولنجد الحل معاً جميعاً، والناس بعملها المشترك هي أفضل مني ومن المخرج الذي سيخرج المسرحية، والممثلين .. هذا إن صادفت الحظ .. ووجدت طريقها إلى خشبة المسرح يوماً

لا أريد أن أقدم أعمالاً ذاتية الطابع، إنني بالطبع سوف لن أخفي بأنني من أنصار" الفن للمجتمع " وأن الفنون كافة الفنون إنما هي لخدمة الناس قضاياها معاناتها، وفي بلداننا فإن الفنون لا بد أن يكون إلى جانب كل ذلك له دوره في توعية الناس، وعلى هذا فإني أريد القول، أن الفنون التي تجمع أوسع الجماهير وتشدها إلى تيار المواطنة، إنه لمعنى دقيق ولكنه كبير ودونه مؤامرات وقمع وإسكات ليتغلب صوت يدعو إلى التخلف والجهل، واحتقار الثقافة والفنون بصفة خاصة .

لست أدعي أن المسرح ينبغي على هذا الوصف أن يكون جاداً وملتزماً فقط، ولست مطالباً بإلغاء المسرح الكوميدي أو الغنائي/ الاستعراضي، فلذلك المسرح أيضاً رواده وعشاقه، ولكن حتى تلك الألوان من المسرح ينبغي أن يكون لها هدف، وهذه سوف تطرح علينا تساؤلات إرغامية ماذا ينبغي أن يكون هدف العمل الأدبي ..؟

ولكي لا نغطس في لجة النقد للتيارات الأدبية الكلاسيكية والحديثة، فإنني سأطرح أفقاً عاماً وهو: الارتقاء بثقافة القارئ ووعيه وحسه، وبتقديري فإن مقدرة أي كاتب هي ضم إرهاصات الناس في عمل يخدم المجتمع وحركة تطوره، وفي هذا الاتجاه آمل أن تكون هذه المسرحية مساهمة في هذا الجهد.

وبالطبع فإن اختياري لمشكلة الكهرباء لا يعني بحال من الأحوال، إنني معاد للكهرباء، أو إني قررت فتح النار على مؤسسة الكهرباء .. ولا إلى مناقشة أهمية الكهرباء وضرورته، إن المسألة بطبيعة الحال تتجاوز ذلك كثيراً، إلى إشكاليات أكثر عمومية وضرورة، وإني أعتقد أن الإشارة ومحاولة تشخيص هذه الإشكاليات أمر مهم، ولكن المهم أيضاً التصرف حيال هذه الإشكاليات..! ولكني سأحاول أن أقنع المجموع أن هناك أزمة، وأن نبحث معاً عن الحل ..!

لا أريد أن أستطرد أكثر من ذلك، فالأمر في النهاية بحاجة إلى تفكير قليل ولكن موقف كبير، فإني سأدع اكتشاف ذلك للقارئ، إذ إنني لا أقصد أفساد متعته، وبالطبع ذوقه....! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسرحية نشرت في عمان / الأردن وصدرت عن دار أكاديميون عام 2014

0 التعليقات: