أخر الأخبار

.

كيف تآمر (الثلاثي) الحلبوسي والحزب الإسلامي والحشد الشيعي على الموصل؟


كيف تآمر (الثلاثي) الحلبوسي والحزب الإسلامي والحشد الشيعي على الموصل؟


عراق العروبة
هارون محمد



ثمة أحداث مؤلمة حقاً، وقعت خلال الاستعدادات، التي سبقت انتخابات محافظ جديد للموصل، في أعقاب إقالة نوفل العاكوب، الذي باع المدينة بعد تطهيرها من الدواعش، الى المليشيات الشيعية، كما باعها قبله بخمس سنين نوري المالكي إلى عصابات أبو بكر البغدادي.

ومما يُحزن، حقيقة، أن الموصل، المدينة، التي خرجّتْ أجيالاً متعاقبة من العلماء والمبدعين وخيرة الإداريين، واُشتهرت بانتاج أقدر الضباط والقادة العسكريين، تعرضت إلى محن متتالية، واحدة تلحق أخرى، منذ الاحتلال الأمريكي البغيض في نيسان 2003، إلى يومنا الراهن، وكان أقسى تلك المحن، أن يُنصّب عليها، محافظون غلاظ قلوب على أهلها، وطماعون في خيرها، ومنبطحون أمام أعدائها والحاقدين عليها، ابتداء من مشعان ركاض الجبوري مروراً بولاة داعش المتخلفين، وانتهاء بنوفل العاكوب، باستثناء مدة قصيرة سعى خلالها، أثيل النجيفي أن ينهض بها، ولكن محاولاته أخفقت، نتيجة معاكسات المالكي الطائفية له، وبسبب مواقف شقيقه أسامة المهادنة في بغداد.

وإذا كانت حادثة العبارة السياحية، التي ظهر أن عصائب الخزعلي تستولي على إيراداتها، قد قصمت ظهر العاكوب المتواطيء معها، إلا أنها فتحت شهية العديد من الأطراف السياسية، للاستحواذ على منصب محافظها الشاغر، كانت أسوأها محاولة جرت في ليلة ظلماء، أبطالها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، والحزب الاسلامي ممثلا بوزير التربية السابق والنائب الحالي محمد اقبال الصيدلي، والقيادي الحشدي أحمد الاسدي، استهدفت في بدايتها، احتواء الدكتور مزاحم الخياط رئيس خلية الموصل، الذي كان مرشحاً مقبولاً من الجميع، ولكنه اعتذر عن تولي منصب المحافظ عن قناعة ودراسة وهو الرجل الأكاديمي والنزيه، الذي كان يرى وهو على حق، أن الموصل، تستدعي انسيابية في العمل، ومركزية في تنفيذ مشاريع تطوير المحافظة واعمارها، بعيداً عن الخلافات، التي تعصف باعضاء المجلس، وانخراط بعضهم في الصفقات المشبوهة.

وقد استدعى محمد الحلبوسي الدكتور الخياط إلى بغداد، وقابله في دار استراحته بالجادرية، وهي الدار، التي هيأها (الحوت) الجديد هيثم شغاتي له (وأنا أنقل هنا معلومات موثقة ومعززة بالاحداث والتواريخ والامكنة والشهود عليها احياء يرزقون، وليس تحليلات أو استنتاجات) وحاول رئيس مجلس النواب إقناع مزاحم بتغيير قناعاته والتخفيف عن شروطه لقبول المنصب، ولكن الأخير اعتذر وأصر على موقفه، ولما عجز الحلبوسي عن تنفيذ عملية احتواء الخياط، فوجيء أن اثنين وعشرين عضواً في مجلس محافظة نينوى، قد أجمعوا على انتخاب زميلهم في المجلس عويد الجحيشي محافظاً، وهذا العدد يكفي لإكمال النصاب القانوني (النصف زائداً واحد) فأقدم على استدعاء جميع أعضاء المجلس بضمنهم الأعضاء الـ(22) إلى دار استراحته ببغداد، وانفرد بالجحيشي في قاعة جانبية، وهنأه بثقة زملائه به، وأبدى استعداده شخصياً وبرلمانياً في دعم ترشيحه، ولكنه طلب من المرشح الجديد، التوقيع على استمارة الانتماء إلى حزب التقدم، عضواً مؤسساً، وهو الحزب، الذي ينوي إعلانه رئيس مجلس النواب، مناصفة مع النائب محمد الكربولي، في سابقة هي الأولى في تاريخ الأحزاب العراقية قديماً وحديثاً، حزب برأسين، كما صرّح القائمون عليه في وسائل الإعلام المحلية، ولم يكتف الحلبوسي بذلك، وانما طلب من عويد التوقيع على عشرين صفحة (فولسكاب) تتضمن تعهدا باستقطاعات وحصص مالية ونسب مئوية من ميزانية المحافظة ومخصصات المشاريع فيها، تُحَوَّل إلى حزبه العتيد، الأمر الذي أوقع المرشح الجديد في حرج شديد، واضطر إلى الاعتذار والانسحاب من الترشيح، واثر ذلك خرج رئيس البرلمان إلى أعضاء مجلس المحافظة المنتظرين لقاءه، وأبلغهم أن الجحيشي قد انسحب، ووسط حيرة الأعضاء واستغرابهم، قذفهم الحلبوسي بقنبلة صوتية، عندما خاطبهم بتحدٍ سافر: ما رأيكم بمحمد إقبال يصبح محافظكم؟

وضجّ الأعضاء بالدهشة، وتكلم عدد منهم وأحدهم يمثل الحزب الديمقراطي الكردستاني وله تسعة أعضاء في مجلس المحافظة، وأجمعوا على العودة إلى مراجعهم الحزبية والسياسية، ولكنم صارحوه أن الحزب الإسلامي غير مقبول في المحافظة ولا يملك غير عضوين في مجلس المحافظة، أحدهما بسبب التزامه الديني ـ صدقاً أم ادعاءً ـ خلق مشكلات مع بعض الأعضاء، الذين يمثلون الأقليات ويستحرم مصافحتهم، مثلاً، أو الجلوس إلى جوارهم، وهنا ضرب الحلبوسي ضربته، التي كان يضمرها، وقال: إذن اتركوا إقبال جانباً وعليكم بزميلكم حسام العبار، وعودوا إلى مراجعكم وأبلغوهم أنه مرشح رئاسة البرلمان، وتبين أن العبار، وهو قيادي في الحزب الاسلامي بالموصل، كان قد وقع على الاستمارة والأوراق، في وقت سابق، من دون أن يبلغ زملاءه، الذين واجهوه في اجتماع لاحق لهم في اربيل، فاعترف بالتوقيع ولكنه أحجم عن كشف مضمون الأوراق.

وعند عودة الأعضاء إلى الموصل، كانت أخبار ما جرى لهم في بغداد مع الحلبوسي، قد وصلت قبلهم، وأحدثت لغطاً واسعاً، وتعرض أربعة منهم عُرف عنهم، أنهم لا يوافقون على العبار، إلى استدعاء مسؤولين في الحشد، وتهديدهم بالقبول به، وتبين لاحقاً أن القيادي الحشدي أحمد الأسدي هو من أبلغ هؤلاء المسؤولين بأمر الاستدعاء، بعد تفاهمات مع الحلبوسي، مع الأسف، وقد رافق ذلك أن عدداً من مرتزقة الحشد من المحسوبين زوراً وبهتاناً على السنة العرب، وبالتعاون مع أعضاء الحزب الإسلامي في الموصل، على رغم قلّتهم، قد بدأوا حملة ترهيب ضد كل من يعارض ترشيح العبار، ووصل الأمر ببعضهم، ومنهم العميل الإيراني والمرتزق الحشدي عبدالرحمن اللويزي، إلى الإشادة بمرشح الحزب الإسلامي والحشد الشيعي، وعدّه أفضل خيار للموصل، غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن محمد الحلبوسي ومحمد إقبال وأحمد الاسدي.

ويبقى سؤال: هل المحافظ الجديد والمسؤول السابق في هيئة التصنيع العسكري، المهندس منصور مرعيد الجبوري هو الخيار الأحسن للموصل، بالطبع لا، برغم أنه أفضل من مرشح الحلبوسي والحزب الإسلامي والحشد الشيعي حسام العبار، ولكن ما يؤخذ عليه انه من خارج مدينة الموصل (القيارة)، وهذه المشكلة يمكن تجاوزها، لأن المحافظة وحدة طبيعية وإدارية واحدة، وأنه خاض الانتخابات النيابية الأخيرة مع وزير الدفاع السابق، خالد العبيدي في قائمة يرأسها حيدر العبادي، قبل أن يفترق عنها، ويتعاون مع جماعة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد صورياً وحكومياً، ولكن على رغم ذلك فإن أمامه فرصة طيبة، إن استثمرها في خدمة الموصل، فسيكون أهلاً للمسؤولية، خصوصا وانه تعهد بانه سيكون مستقلا، امام أكثر من ثلثي أعضاء مجلس المحافظة (28 عضواً) صوتوا له، وعليه أن يُثبت للموصليين، أولاً وعاشراً ومئة، أنه واحد منهم ويعمل من أجلهم، بعيداً عن المصالح الشخصية والعائلية والمناطقية، بخاصة وأن هناك دولاً ومنظمات مستعدة لتخصيص أموال وإنشاء مشاريع تنموية، في أم الربيعين، إذا توفرت أجواء طبيعية فيها، و"المصالوة" معروفون تاريخياً واجتماعياً، بأنهم أهلُ همة وأصحابُ نخوة، وصناعُ أمجاد، لأنهم رأس العراق، مع ما تحمله مفردة (الرأس ) من معانٍ ومفاخر.

0 التعليقات: